إذا سَلْمَ اللهُ رُوح الأمير … فَأهْوَنُ شيء ذَهَابُ الذهبْ
ومن كَسِب الحمد في الخافِقيْن … فَلَيْسَ يبالي على ما كَسَبْ
فخذ ما صفا من لذيذ الحياة … ودع لسواك الأذى والنَّصَبْ
ومن جيد قصائده: (الرائيةُ) التي يقول فيها يمدح ثمالًا المرداسي:
أقول لصحبي بِجَوِّ الغُمَيْرِ (١) … وقد ضل حادي المطايا وحارا
تَيَامَنْتُمُ عن بلاد المعز … فعوجوا يسارًا تصيبوا يسارا
ولاقوا أميرًا قليل النظر … يحب الثناء ويَشْنَا النُّضَارا
كريمَ النجار عفيفَ الإزار … حوى المكرمات وشاد الفخارا
أعاد وأبدى وللفضل أسدى … وللقِرْن أردى وللريح بارى
كريم الصنيعة ضخم الدسيعة … سهل الشريعة لم يأت عارا
غَنَاءُ الفقير ونعم النصير … إذا المستجير إليه استجارا
يَفُك الأسارى ويحمي العذارى … ويُعْطي المَهارى ويُفني المِهارا
إذا حَلَّ في البدو زان العمود … وإن حَلَّ في الْحَضْر زان الجدارا
أبا صالح قد فَضَلْتَ الملوك … فَعُدْتَ يمينًا وعادوا يَسَارا
وألبسك الله ثوب الوقار … فلا نزع الله عَنْكَ الوقارا
تحَوَّلْتَ بالأمس عن موضع … فآنَسْتَ دارًا وأوْحَشْتَ دارا
ونالت أبا الفتح قَوَارِصُ الألسن من المنافسين والحسدة، وكل ذي نعمة محسود، وكان هذا الموقف بالنسبة إليه يماثل موقف سلفه أبي الطيب المتنبي الذي توفي قبل ميلاده بست وثلاثين سنة، فقد كان سيف الدولة إذا تأخر مدح المتنبي له شق عليه ذلك، فيحضر من لا خير فيه فيتقدم إليه بالتعرُّض للمتنبي في مجلسه بما لا يحب، وذات مرة أنشد المتنبيُ سيف الدولة قصيدته (الميمية) السائرة، وقال له فيها معرِّضًا بمن يتعرض له في غيابه بمجلسه:
(١) الغمير - بالتصغير -: موضع في ديار بني كلاب عند التلبوث، فهو من منازل قوم ممدوحه ثمال المرداسي الكلابي العامري الهوازني، وفي ذكره لفئة مناسبة دلت على دقة ملاحظة وحسن ذوق شعري من الشاعر.