وجاهل مَدَهُ في جهله ضحكي … حتى أتته يَدٌ فراسَةٌ وفم
ثم يعود إلى سيف الدولة ويخاطبه بقوله معاتبًا على إرخائه العنان للمتعرضين له في غيابه:
إن كان سركمُ ما قال حاسدنا … فما لجرح إذا أرضاكمُ ألمُ
وقد أثرت أيضًا على ابن أبي حُصَيْنَة هذه القوارصُ الخفية التي تقرضه في غيابه، فقال:
ذري عَذَلي فَشأَنُك غير شَانِي … ولا تتملكي طَرَفَيْ عِنَاني
ورُدِّي يا ابنة السُّلَميِّ قلبي … فقد فارقتُ قلبي ما كفاني
وهو هنا يتغزل بسُّلَمية من بنات عمه .. ثم يصل إلى هدفه فيقول مُوَرِّيًا ومُكنِّيا والكناية أبلغ من التصريح:
أحِبُّ من السمَّاذع كُلَّ نَذبٍ … كريم الخِيم مأمونِ اللسان
يَعِفُّ الخنا ويَشِفُّ حِلْمًا … كما شفت ذُرى عَلَمَيْ أبَانِ
ثم يصرح بما يريد أن يقوله وأن يوجهه إلى مغتابيه بحضرة الأمير المرداسي:
وأمْقَتُ كل مُغتابٍ نَمُومٍ … حَريص بالنميمة غير واني
ألا بئس الحديثُ حديثُ زُورٍ … يُبَلِّغُهُ فلانٌ عن فلانِ
ثم يُمعن في كشف ذات صدره لأولئك النمَّامين الحَسَدَة فيقول:
مضى العيد السعيد وغِبتُ عنه … وفاز الناس قَبلي بالتهاني
فَهَلا أحسن الشعراءُ غَيْبي … وكَفُّوا عن عتابهمو لساني
فقد حضروا فما نابوا منابي … ولا سَدُّوا وإنْ كثروا مكاني
وكم طلبوا اللحاق وما تهدَّتْ … قرائحهم إلى هذي المعاني
أعابوني بِقَرْواشٍ؟ (١) وعَيْبِي … بِقَرْواشٍ جمالي في زماني
(١) أبو المنيع قرواش بن المقلد بن المسيب العُقَيْلي العامري الهوازني صاحب الموصل والكوفة، كان أديبًا شاعرًا وسياسيا ماهرًا دامت إمارته خمسين عامًا ومات سنة ٤٤٤ هـ سجينًا. ويبدو أن الشاعر ابن أبي حصينة السُّلَمي كانت له صلة به، إلى صلته بآل مرداس؛ فلذلك وجد الوشاة هذه الثغرة فدخلوا منها على =