الرحَّالة الألماني "رولفس" في رحلته عبر أفريقيا وبرنو وخليج غينيا عام ١٨٦٥ - ١٨٦٧ م قائلًا:"إن وادي أم الخيل الذي يجري باتجاه جنوبي شرقي يشكل حدود قائمقامية الجبل والمنطقة التي تقع جنوبه تتبع قائمقامية فزان، وتبلغ خيام كل من قبيلتي المشاشية وأولاد بوسيف ألف خيمة على الأقل وهم يتبعون كل منطقة الجبل على الرغم من أنهم ينتقلون على جانبي الحدود، إلا أنهم يعودون على الدوام إلى منطقة الجبل الغربي.
وفي الأزمنة القديمة أي قبل أن يسيطر العثمانيون على البلاد كان أهل الزنتان هم أسياد هذه المنطقة بأجمعها وحتى الآن هم وحدهُم أصحاب الحق في الأرض والعقارات.
وهكذا فإن المشاشية وأولاد بوسيف لا يرعون ولا يزرعون في هذه المنطقة إلا بعد إذن منهم، وكي يجري تفادي النزعات، فإن قائمقام أو باشا الجبل يقوم سنويا بتوزيع هذه الاراضي ويعترفون بذاتهم (أي المشاشية وأولاد بوسيف) أنهم ليسوا ملاكًا هنا بل هاجروا منذ وقت بعيد من الساقية الحمراء (جنوب المغرب الأقصى) إلى هذه المنطقة في غريب ليبيا" (انتهى).
قلت: ويظهر من سياق النص للألماني "رولفس" أن الزنتان باعتراف القبائل المجاورة أنها من القبائل العريقة والقوية في الجبل الغربي ليس في انعصور المتأخرة فحسب ولكن كان ذلك قبل أربعة قرون قبل العهد العثماني البائد، كما ذكر "رولفس" نقلًا عن سكان المنطقة، وهذا يؤكد لنا أن الزنتان تلك القبيلة العوفية السُّلَمية قد كان لها السيطرة والقوة بعد وفاة ابن خلدون بما لا يقل عن قرن ونصف قرن من الزمان تقريبًا، فقد أورد في عهده أن جبل نفوسة جنوب طرابلس لبطون ذباب بن مالك، وأشهرهم أولاد وشاح بن عامر وفيهم رئاسة ذباب، ثم ذكر انقسام وشاح إلى المحاميد والجواري وقد كانت سيطرتهم على جبل نفوسة وجنوب طرابلس، وقد تكون قوة الزنتان قد ظهرت في القرن العاشر الهجري بعد أن زاد عددهم وكبر كيانهم القَبَلي بوسط قبائل ذُباب السُّلمية التي كانت لها الغَلَبة على هذه المناطق منذ نزوح سُلَيْم من الجزيرة العربية ومرورًا بمصر إلى ليبيا في أواسط القرن الخامس الهجري، وهنا نوضح أن عدم ذكر ابن خلدون لقبيلة الزنتان