أفرج عنه رحل إلى منطقة الجريد التونسية، وفي يوم ١٥ يوليو وصل إلى ورقلة، وادعى للناس بأنه شريف مبعوث من السلطان العثماني ليتزعَّم محاربة الإفرنج الصليبيين "الفرنسيين" في بلاد الجزائر العربية المسلمة.
الثاني: يُدعى محمد الغربي وكان يقيم بالجريد التونسي، وذكر فيرو بأنه تاجر للمخدرات، ووصل ورقلة يوم ٢٩ يوليو على أمل القيام بحركة ثورة بها كذلك، ولسنا ندري ما إذا كان هناك اتصال وتعارف بين الرجلين قبل أن يقدما إلى ورقلة، ولكن حضورهما في وقت واحد، يوحي بذلك، ثم إن اتفاقهما على التعاون في محاربة الشيخ بوحفص النقوسي الذي تصدى لمحاربتهما يقوي فكرة الاتصال بينهما والاتفاق على العمل مسبقًا، وعلى أي حال فإن الشيخ بوحفص تغلَّب عليهما فانسحبا إلى الحجيرة وتقرت وبقيا بتلك المنطقة طوال شهر أغسطس، وفي يوم ١٠ سبتمبر تزعما عددا من رجال قبائل الشعانبة، والمخادمة، وبنوتور، واتجها إلى بريَّان الميزابية وخلال اصطدامهما بالسكان فرَّ الحاج الغربي واختفت أخباره بصورة نهائية، واعُتقل مولاي محمد، ولم يذكر فيرو نهايته بعد ذلك.
* وفي الوقت الذي كان سي الأعلى يقوم بهذه التحركات والنشاطات في الناحية الغربية، كان ثوار جنوب قسنطينة يعملون كذلك، فهاجموا يوم ٣٠ سبتمبر ١٨٦٤ م قوات الضباط دولاكروا في ثنية الريح، وأعادوا الهجوم عليها يوم ٢ من أكتوبر في وادي درميل، وكانت نتيجة المعركتين قتل ١٣ وجرح ١٦ من الفرنسيين، وقتل ١٥٠، وجرح ٢٠٠ من الثوار، وفي يوم ٧ من أكتوبر هاجمت القوات الفرنسية قرية العاطف المقام وصادرت من سكانها ٣٥٠٠ جملًا، و ٣٠٠٠ رأس غنم، و ١٠٠٠ رأس بقر، عقابًا لهم على تأييدهم للثوار واستقبالهم في منازلهم، وبسبب هذه الحوادث انسحب الثوار إلى جبل الصحري وجبال جنوب الزاغر الشرقي، ونشط ثوار (الشعانبة)، والمخادمة، وبنوتور في منطقة بسكرة، وهاجموا خصومهم والمعارضين لحركتهم قبل أن يلتحقوا بمنطقة.