للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحكومة وشيوخ القبائل على جميع شروط التعاون ما عدا شرطين اثنين: أن يكون التجنيد اختياريا لأبناء القبائل، وأن يظل المجندون من رجال القبائل محتفظين بزيِّهم البدوي وعلى الخصوص بطربوشهم المغربي ذي الزر الضخم الطويل!!، وشب الخلاف حول هذين الشرطين فوافق الوالي على الشرط الأول الخاص بطريقة التجنيد ولكنه رفض الشرط الثاني وأصَّر على أن يرتدي العربان المجندون زي العساكر المصريين والشراكسة والترك رغبة في توحيد الزي وعدم التفريق بين العناصر التي يتألف منها الجيش الجديد، وأصرَّ عمَّار المصري زعيم الجوازي من ناحيته على أن يحتفظ بنو قومه بزِيِّهم وطربوشهم، وانقطعت المفاوضات بين السلطة الحاكمة وبينه، وكان الضباط الشراكسة والأتراك في الجيش لا ينظرون بعين الارتياح إلى اهتمام الوالي بأمر العربان ورغبته في إرضائهم وميله إلى معاملتهم معاملة خاصة مشبعة بالعطف سالكًا في ذلك نهج أبيه وأخيه من قبله، فراحوا يوغرون صدره على المصري وجماعته من الجوازي ويضغطون عليه ليقابل مطالبهم بالعنف والشدة، فنجحوا في مساعيهم، وقرر محمد سعيد باشا تجنيد حملة قوية لتأديب عربان المنيا والفيوم لإرغامهم على الرضوخ لإرادته بلا قيد ولا شروط، وفكر الضباط أنصار العنف والشدة في استخدام فريق من العربان في محاربة الفريق الآخر فأوفدوا الرسل إلى قبيلة أولاد علي في الصحراء الغربية ونجح أولئك الرسل في إقناع بعض زعماء العشائر بالالتحاق بالحملة ومهاجمة الجوازي من الخلف، وقامت الاستعدادات في القاهرة لتشكيل القوة الضاربة لمحاربة الجواري ومن على شاكلتهم من العصاة للدولة في المنيا والفيوم، وهذا الأمر ما وصل له علم بكر وزوجته في أثناء إقامتهما بالعاصمة، وقد هالهما أن تعد العدة للبطش بقبيلتيهما وهما عن الخطة لاهيان، وأن يلاقي المُحرِّضون على القتال عونًا من قبيلة عربية أخرى تربطها بقبيلة الجواري روابط الرحم والقربى والأصل الواحد، وعاد الزوجان مسرعين إلى ديار قومهما لاطلاعهما على ما بلغ مسامعهما ووقع عليه نظرهما في القاهرة ولإنذارهم بوجود التأهب لدرء الخطر

<<  <  ج: ص:  >  >>