للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دهائه يتصور الحوادث قبل وقوعها فسكت قليلًا وهو ينقلب على فراشه من شدة الألم ثم قال لشيوخ قومه في شيء من السياسة سائلا ما اسم هذه السنة؟ وكان العرب يسمون السنين بموت عظيم أو بحادث خطير فأجابه القوم أن هذه السنة يقال عنها سنة الربيع الكبير وسنة الصابة العظيمة والسنة التي مرض فيها الشيخ عبد النَّبِيّ وعوفي إلى آخر ذلك من الفأل الحسن والمستحب للنفس، فأجابهم قائلًا: كلا لقد غلظم في اسم السنة فإنها السنة التي مات فيها عبد النَّبِيّ والتي تحارب فيها الجوازي والعلايا فانتصر العلايا وأجلوا الجوازي عن برقة، ولقد صحت نبوءة هذا الداهية ونظره الذي رآه بفكره الثاقب.

توفي الشيخ عبد النَّبِيّ كما تنبأ واستمر الجوازي في سوء تصرفهم نحو إخوانهم العلايا اعتمادا على قوتهم واستضعافا للعلايا وكان هؤلاء الأخيرون يتحملون كلّ مصيبة تأتي دفعًا للشر بالخير.

وحدث ذات مُرّة من المرات الكثيرة التي يسيء فيها الجوازي لإخوانهم أن ذهب قوم من الجوازي وأخذوا إيلا من صبح إحدى فروع المغاربة وإبلا من البراغثه إحدى قبائل السعادي، ومن القانون المتبع عند العرب ببرقة أن لكل قبيلة من القبائل العربية علامة توضع على الإبل والغنم لتميز بها كلّ قبيلة حيواناتها؛ فكانت علَّامة المغاربة يسمونها (قائم سيف وهي هكذا " [رسم] وعلامة العواقير يسمونها (مذري) وكل علَّامة من هاتين تكون رئيسية لعموم القبيلة، وهناك فوارق أخرى خصوصية لكل عائلة من القبيلة أو لكل شخص، وكان صبح من المغاربة، والبراغثة لا يضعون هذه العلَّامة الرئيسية ولم ندر ما هو السبب، فأخذ الجوازي إبل هاتين القبيلتين باعتبار أنهم لَمْ يأخذوا حيوان المغاربة والبراغئة حيث لا توجد علامتهما على هذا الحيوان المأخوذ، وعندما شرع الجوازي في وضع علاماتهم على هذه الحيوانات المأخوذة وقد قسمت بينهم مر بمنتجعهم أحد أفراد العلايا فقال البعض أفراد الجوازي أن هذه الحيوانات جد كثيرة إن وجدتم محلا يتسع لرعايتها وتنميتها، وفي كلمته هذه ما فيها لمن يتدبر فأجابه الشيخ صميدة الهاروج قائلًا:

<<  <  ج: ص:  >  >>