من المعلوم أن الحكومة تهتم بالواقع؛ لأنَّها مسئولة عن الأمن العام في بلاد تحكمها، وثانيا أن البراعصة قد تعدوا تعديا شنيعًا إذ قتلوا أحد أعيان العرب داخل المدينة التي يحرسها رجال الأمن العام وعلى مرأى ومسمع منهم بقرب القصر الحكومي، أضف إلى ذلك أن الحكومة وقتذاك ما برحت تخشى قبيلة البراعصة وتحسب لها حسابات كثيرة فتسنى لها تأديب هذه القبيلة إن استطاعت، استعد خليل باشا بقوات هائلة وصحب معه الكثير من شيوخ وأعيان الحضر والبادية ومن بين من استصحبهم معه الحاج محمد كاهيه والحاج إبراهيم منينه ومصطفى عصمان (عثمان) وعبد النَّبِيّ حجر القزيري وهؤلاء من أعيان حاضرة بنغازي وكثيرا من شيوخ العواقير والمغاربة وجميع هؤلاء المشايخ كانوا من شيعة البراعصة وأنصارهم سرا وجميع الأهالي يتحيزون إلى البراعصة إلَّا قسما ضئيلًا من قبيلة الحاسا يعرف بالمربد، ونزل خليل باشا والي بنغازي بقواته ورفاقه في زاوية الفايدية واتَّصل بشيوخ البراعصة عن طريق الوسطاء وطلب منهم شروطا للصلح بدون قتال فخضعوا لها إلَّا شرطا واحدًا وهو تسليم الأسلحة التي بيدهم وتجريدهم منها فأبوا أن يذعنوا لهذا الشرط إلَّا رجلًا واحدًا من البراعصة هو الشيخ عمران بن حموده أبو بزله أحد شيوخ عشيرة المساعيد فتقدم بالطاعة لشروط الوالي، وهناك زحفت قوات خليل باشا لقهر البراعصة وإخضاعهم بالقوة فقابلها ثمانون رجلًا فقط من عشيرة طامية والتحمت المعركة بشدة وعنف استعمل في أثنائها إطلاق المدفع، فهجم حمد بن الحالي حدوث على الطبجي وقتله واستولى الرعب على الجند العثماني فانسحب مخذولا بالرغم من اشتراك جميع من أراد مجاملة الحكومة في القتال إلى جانبها وانتصر البراعصة انتصارًا باهرًا.
رجعت قوات خليل باشا بخفي حُنَيْن وبعد هذه المعركة وغيرها حصلت عدة اجتماعات بين العبيدات والبراعصة ووسطاء الخير للصلح وعندما يصل الطرفان