للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزناتي الشائع الصيت في جميع الآفاق، فقالت له: انطلق الآن وارجع غدا إلى هذه الشجرة (شجرة كانت بقربها) وكان اسم تلك المرأة الجازية الهلالية.

ثم من الغد رجع إلى ذلك المكان فوجد الجازية واقفة مع صاحباتها وجميع خُطَّابها مختفون قرب الشجرة آخذون أسيافهم بأيديهم ينتظرون قدومه، فأقبلت الجازية وسلمت على خليفة ورحبت به ودعته للنزول لتستريح فرسه فامتنع قائلا لها: لا أنزل إن ظهرها عز والنزول عنه ذل، وما من امرأة في الحسب والجمال إلا ويكثر تابعوها وعديانها وأظن أن منهم من هو وراء ظهري الآن فيلزمني الحذر لأن قلبي يحدثني بذلك، فقالت له: اعمل على حسب ما سبق إليه حديث قلبك، فما تم كلامها حتى أتت إليهما الخيل من كل جانب ومكان فتلقاهم خليفة، والجازية واقفة تقول له: إن الذين أتوك كلهم خطبوني ولم أقبل أحدا منهم وكن حازما فإن العمر أيام معدودة لا تزيد ولا تنقص والجبن عار، وعليك بلابس الأحمر فإنه ابن عمي وهو رئيسهم فإذا قتلته أو جرحته بقي العدو بلا رأس وتفرقوا، فتقدم إليه خليفة وطعنه في صدره برمحه أخرجه من ظهره فمات، ثم ما زال يخرج إليه الواحد بعد الآخر فيقتله حتى بلغ اثني عشر فارسا. ثم أخذت الجازية فرسا من خيل القتلى وذهب معها خليفة إلى بيت أبيها ونزلا بها.

وبلغ الخبر إلى الناس في ذلك الحين. وفي الغد ركب بنو هلال وهجموا على الزناتية وهم هؤلاء كما ترى .. انتهى كلامه.

أقول: قد نسبوا هذه الحوادث إلى عام ٧٩٧ هـ الموافق ١٣٩٥ م ولم يوجد في ذلك التاريخ بسوف من اسمه خليفة تنسب إليه تلك الوقائع، ثم إن خليفة الذي نسبت إليه الحكاية ليس هو خليفة بن عمار وإنما هو خليفة بن وروا الزناتي (١)


(١) ورد في كتاب "البيان المغرب" ما ملخصه:
وفي سنة ٤٠٠ هـ، توفي بطرابلس بعلة أصابته وولي مكانه وروا، وأطاعته زناته، وفيها رحل أبو مناد نصير الدولة بعساكر عظيمة إلى طرابلس في طلب زناته، ودخل نصير الدولة إلى قصر فلفل وجاءت رسل وروا بن سعيد أخي فلفل رغبة في الأمان والعفو.
وفي سنة ٤٠١ هـ كان موت غرم بن زيري بن مناد بالقيروان، وفيها توفي القائد جعفر بن حبيب.
وفي سنة ٤٠٢ هـ، قدم خزرون بن سعيد بن خزرون الزناتي أخيه فلفل المتقدم ذكره، وكان سبب وصوله اختلاف جرى بينه وبين أخيه وروا، فقصد إلى نصير الدولة، فقبله أحسن قبول، وكان معه نحو =

<<  <  ج: ص:  >  >>