وفدوا على السودان من طريق الشرق من بلاد العرب إلى كسلا، ثم عبروا النيل الأبيض واتجهوا إلى غرب السودان، ثم واصلوا رحلتهم إلى بلاد تونس لمحاربة المغاربة.
ومن الواضح أن هذه الروايات هي "محاكاة محلية" لقصة تغريبة بني هلال، أو قل هي تحوير نسجته الروايات لتجعل السودان طريقا لتغريبة بني هلال، وعلى هذا لا نستطيع أن نعتمد على هذه الروايات من الناحية التاريخية، ومن الملاحظ أن معظم الجماعات التي تنتسب إلى الهلاليين أو إلى أبي زيد الهلالي، يعيشون الآن في غرب السودان، فإذا اتجهنا إلى الشرق وجدنا التأئير القصصي أقوى من التأثير السلالي، ولو أن الهلاليين قد دخلوا حقا بجموعهم من طريق الشرق إلى الغرب وسلكوا هذا الطريق الذي وصفته الروايات، لكان من المنتظر أن نجد لهذه الجموع بقايا في شرق السودان ينتسبون إلى بني هلال أو إلى أبي زيد، وهذا ما لا نجده إلا في القليل النادر، ومن الراجح لدينا أن الهلاليين دخلوا السودان بعد التغريبة بزمن قصير، وأنهم اتخذوا طريق وادي النيل، ثم انحرفوا غربا على امتداد وادي الملك إلى كردفان ثم دارفور، ويحدثنا المقريزي أن بني هلال كانوا من جملة عربان الصعيد الذين اشتركوا في حملة السلطان قلاوون في عام ٦٨٦ هـ الموافق ١٢٨٧ م على بلاد النوبة، وأن الحملة انقسمت إلى فرقتين، فرقة منها اتبعت البر الغربي من النيل، والأخرى سارت من البر الشرقي. وليس ببعيد أن يكون بنو هلال قد اتخذوا طريق البر الغربي مع الفرقة الأولى ثم استقروا في غربي السودان.
وفي غرب السودان نجد عددا من الجماعات تنتسب إلى الهلاليين أو إلى أبي زيد منهم: التنجور، والفور، والرزيقات، وهلالية البرقد، والزيادية.
وبالإضافة إلى التأثير السلالي في هذه الجماعات نجد التأثير القصصي يتمثل في رواياتهم وفي بعض الأحيان يمتزج اللونان من التأثير بحيث يصعب على الباحث أن يميز بينهما، ومع هذا فليس هناك ما يدعو إلى الشك في نسبتهم إلى الهلالية، كما صنع ماك مايكل، إذ إن اختلاط الجانبين من التأثير - أحيانا - لا يعني بحال الشك في صحة انتساب هذه الجماعات أو أصولها الأولى إلى الهلاليين جملة وتفصيلا.