وبعد موت أبي عنان كثرت الاضطرابات بالمغربين الأوسط والأقصى فنبذ ونزمار مجلس السلطان، وانتبذ بوادي ملوية، وبنى هنالك قصر مرادة وغيره وتوجهت إليه ملوك مرين وغيرهم وشيوخ العرب ورؤساء الأقطاع مستشيرين صادرين عن رأيه، وكان يحاول استئصال دولة عبد الواد وهو علة ضعفهم ومحرك الحروب والثورات عليهم، وخرب أبو حمو قصر مرادة من منتزهاته سنة ٧٨٥ هـ فانتقم منه ونزمار بإدخال مرين تلمسان وتخريبهم قصور الملك بها ولم أعلم متى مات؟ ويظهر أن سويدا بعده تلاشى أمرها، ولم يبق لرؤسائهم كبير اعتبار.
وبنو عامر كانت رئاستهم في بني يعقوب ويرادفهم بنو حميد، ثم سخط عثمان بن يغمراسن بني يعقوب ورضي عن بني حميد لاستقامتهم على طاعته. فاستشاط بنو يعقوب غيرة لتقديم بني عمهم، ووصلوا أيديهم بمرين ثم حالفوا سويدا، وعظمت رئاسة بني حميد، وتعددت بطونهم، فعد منها الشيخ عبد القادر المشرفي سبعًا وستين، ولم يسلم بنو حميد بعد من الخلاف على دولة عبد الواد فكان من رؤسائهم من وصلوا أيديهم بمرين أو بالحفصيين. ثم كان بين أبناء أبي حمو الثاني نزاع شديد على الملك كان لبني عامر فيه اليد الطولى، ثم أصبحوا بعد سقوط دولة بني عبد الواد بعضهم جندًا لإسبان وهران وبعضهم رعية لهم.
وكان رئيس بني يعقوب إمرة يغمراسن وابنه داود بن هلال بن عطاف بن رداد بن كريش بن عياد بن منيع بن يعقوب، وكان أبو بكر بن أبي إسحاق الحفصي لدى عثمان بن يغمراسن، ورام امتلاك بجاية على عمه أبي حفص فمنعه، فتظاهر بالصيد، ولحق بداود بن هلال، فأمره عثمان برده عليه، فأبى وأوصله إلى عطية بن سُلَيْمان الذوادي، فتغلب على بجاية، وأقطع داود أرض كدارة من بسيط حمزة، وسخطه عثمان بن يغمراسن فلحق بالصحراء، وكان حصار يوسف بن يعقوب لتلمسان، فوفد عليه داود برسالة من أبي زكريا، فكان ليوسف في تلك الرسالة ريبة، فلما قفل من عنده بعث إثره من قتله في سيق.
وخلفه ابنه سعيد، وانجلى الحصار عن تلمسان، فرضي عنه عبد الواد لقتل مرين أباه، ثم دفعته الغيرة من مكانة بني حميد إلى الوفود على السلطان أبي ثابت