للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بحملة "دعاية" ضد الموحدين، ولعل الانتصارات الموحدية هي التي شجعتهم على الثورة وبعثت في نفوسهم أملا بأنهم رغم بعد الموحدين عنهم يستطيعون الركون إلى القوة المعنوية التي أخذ الموحدون يشيعونها في نفوس الناس في الشمال الإفريقي ضد سيطرة الحاكم الأجنبي، وعلى النقيض من ذلك كان موقف شيوخ هلال من الأثبج وعدي ورياح ورغبة وغيرهم - امتدادا من أرض طرابلس حتى أقصى ما بلغوه من حدود الاستيطان في المغرب - فإنهم حين وجدوا أن عبد المؤمن قد استولى على بلاد بني حماد، رأوا أن يقاتلوه ويوقفوه عند حدوده، وتشاور محرز بن زياد وجبارة بن كامل وحسن بن ثعلب وعيسى بن حسن وغيرهم من الشيوخ، واجتمع أمرهم على أن دولة الموحدين هي العدو الكبير الذي لا بد لهم من مواجهته بحزم، وتحالفوا على التعاون وأن لا يخون بعضهم بعضا، وقرروا أن يجمعوا في المعركة حريمهم وأولادهم وأموالهم لتكون الحرب استيئاسا، وكان ملك صقلية من وراء هذه الحركة يحرضهم ويستنفرهم بل إنه عرض عليهم أن يرسل لهم بعض جيشه، وكانت النهاية هي هزيمتهم أمام الموحدين في معركة سطيف بالمغرب الأوسط (الجزائر حاليا) كما ذكرت المصادر التاريخية، وقد رحَّلوا قسمًا منهم إلى المغرب الأقصى.

وقال عن استنفار الموحدين لبني هلال في غزو الأندلس:

عندما عقد أمير المؤمنين النية على غزو الأندلس سنة ٥٦٦ هـ فإنه كلف ابن الطفيل بأن يستنفر العرب فكتب إليهم قصيدة مطلعها (١):

أقيموا صدور الخيل نحو المغارب … غزو الأعادي واقتناء الرغائب

وفيها يقول لهم:

ألا فابعثوها همة عربية … تخف بأطراف القنا والقواضب

أفرسان قيس من هلال بن عامر … وما جمعت من طاعن ومُضارب

لكم قبة للمجد شدوا عمادها … بطاعة أمر الله من كل جانب


(١) المصدر السابق: ٨٨ - ٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>