الأول فكانت طرابلس وما يليها من حظ بطون زغبة، وباجة وما يليها من حظ مِرْدَاس من رياح، ثم اقتسموه الاقتسام الثاني فكانت البلاد من تونس إلى الغرب البطون هلال وهم: رياح، وزغبة، والعقل، وجشم، وقرة، والأثبج، والخلط، وسفيان.
وفي يوم السبت (١ نوفمبر ١٠٥٧ م - ١ رمضان ٤٤٩ هـ) استولى الأعراب على القيروان فخربوها وطمسوا معالم حسنها، واستصفوا ما كان لآل بلكين في قصورها، وكان المعز قد انسحب منها قبل يومين تحت حماية خفير منهم هو صديقه القديم مؤنس بن يحيى الصنبري أمير رياح الذي كان المعز أصهر إليه في إحدى بناته وأنكحه إياها فسار في خفارته إلى المهدية ونزل بها على ابنه تميم، وتبعه العرب إليها فحاصروها وواصلوا التضييق على صنهاجة وزناته بعد ذلك حتى غلبوهما على الضواحي، واتصلت بينهم الفتن والحروب، وأغزاهم أمير تلمسان جيشًا بقيادة وزيره أبي سعدى خليفة اليفرني فغلبوه وقتلوه بعد حروب طويلة بنواحي الزاب، ولم تزل الفتن متتابعة، والحروب مسترسلة حتى تمت الغلبة للعرب على صنهاجة وزناته معا، وأطاعتهم جميع بلاد إفريقيا وجنوب المغرب الأوسط.
وكذلك نجحت السياسة التي رسمها الوزير الفاطمي الحسن بن علي اليازوري للانتقام من المعز بن باديس، ولكنه انتقام لَمْ يكن لسوء الحظ قاصرًا عليه وحده، بل شمل الأرض والإنسان والحيوان جميعًا.
وكان الخليفة الفاطمي المستنصر لما سرح العرب إلى إفريقيا عقد لرجالاتهم على أمصارها، وقلدهم أعمالهم، فعقد لموسي بن يحيى المرداسي وقومه من رياح على القيروان وباجة، ولقبيلة زغبة على طرابلس وقابس، وللحسن بن سرحان وقومه من الأثبج على قسطيلية (١)، فلما ملكوا الأمصار ساموا أهلها الخسف والظلم فثاروا بهم وأخرجوهم منها، فاكتفوا بملك الضواحي وشددوا الخناق على أهل المدن.
(١) ذكرها ابن خلدون قسنطينة وهي في المغرب الأوسط (الجزائر).