وصدق العزيمة على خدمة الدول ومجاهدة الأعداء، ونجتزئ فيما يلي بإيراد أبيات من قصيدة بعث بها سنة (١١٦٧ م - ٥٦٢ هـ) الأمير البطل عمر بن المؤمن إلى أخيه السلطان يوسف متشوقا إليه وواصفا غزوة جبل الكوكب بشمال المغرب وما حقق فيها العرب للخليفة من نصر على الثائر سبع بن منخفاد، وهي من شعر بن حربون:
سل الجبل المكرم حيث ضاهت … عباب البحر أنعمك الجسام
تلقتنا بأشواق إليكم … مشاهده المقدسة العظام
تطلع نحوكم حبا وودا … كما يتطلع البلد الحرام
جنبناها بيمنكم كراما … على صهواتها عرب كرام
إذا انتاشوا رماحهم تدلي … أحم النقع وانحط القتام
أباة الضيم إن أمروا بأمر … فكل عزيز كفر مستضام
إذا قادتهم أبناء قيس (١) … فلا لحم تعد ولا جُذام
لهاميهم العطايا لَمْ يزالوا … يلف عليهم الجيش اللهام
إلَّا الله منهم كلّ ذمر … يقبل سيفه الموت الزؤام
بهش إلى لقاء الفرن حتى … كان الطعن بينهما ذمام
يضم إلى العشيرة كلّ خير … كما نجي عشيرته ضمام
وذلك ما جعل الخليفة يستدرج العرب بمختلف الوسائل - ومن أعظمها الشعر - إلى دخول المغرب الأقصى واللحاق بالجندية ويستدعيهم بإلحاح كلما نادي منادي الجهاد، ففي سنة (١١٧٠ م - ٥٦٦ هـ) لما عزم على القيادة بالغزوة الكبرى إلى الأندلس كتب إليهم يستدعيهم ويهيب بهم إلى الغزو ويصف ما هم عليه من الشجاعة والزعامة، وكان ما خاطبهم به القصيدة التالية من شعر أبي بكر بن الطفيل:
(١) انظر التعليق السابق على نسب ملوك الموحدين لقيس عَيْلان.