للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

توزيع المنح والصلات عليهم وعلى أشياخهم وسائر الجنود تحرك الخليفة بالجميع من مراكش صبيحة يوم السبت ١٣ مارس، وكاد العرب يقتتلون في الطريق بسبب تزاحمهم على عبور وادي أم الربيع، لولا أن تدارك الخليفة الأمر بجد وحكمة، وأثناء الاستراحة برباط الفتح ميزت القوات الموحدية من جديد، وحضر على تمييز العرب الأمير يحيى والي بجاية يعينه عبد الله المالقي الذي كان يعرفهم ويضبط أنسابهم، فكان عدد فرسان العرب وحدهم عشرة آلاف فارس، ثم أجار البحر إلى الأندلس في يوم السبت (٨ مايو ١١٧١ م - ١ رمضان ٥٦٦ هـ) وأقام فيها خمسة أعوام حقق خلالها أعمالًا عمرانية وحربية كثيرة شارك العرب في تحقيقها بحظ مرموق.

وإذا كان هؤلاء العرب النازحون إلى المغرب الأقصى قد استقاموا على الطريقة خلال هذه السنين فإن إخوانهم الذين أقاموا بمواطن قوتهم وعزتهم بإفريقيا بقوا على عادتهم في الفوضى والاضطراب يظهرون الطاعة ويخفون العصيان، ويسكنون إذا أحسوا بقوة الدولة ويتحركون إذا شعروا بضعفها، وقد اضطر الخليفة يوسف إلى الذهاب بنفسه إلى قفصة سنة ١١٨٠ م لتقويم اعوجاجهم والضرب على أيديهم وتأديبهم، وكاد يذهب إليهم مرّة ثانية سنة ١١٨٣ حينما أسر بنو سُلَيْم أخاه عليًّا قرب قابس لولا أن سرحوه مقابل مال فدى به نفسه وأصحابه، وخلال تلك السنين لَمْ يكن سيل العرب ينقطع عن المغرب، فقد استلذوا رخاء العيش فيه والجهاد بالأندلس وما يدرّه عليهم من ربح وفير وغنم كثير، حتى ذكروا أن أشياخهم الذين وردوا على الخليفة يوسف بالرباط سنة ١١٨٤ م وهو يستعد للذهاب إلى الأندلس شرطوا له على أنفسهم أن يحضروا لهذه الغزوة في ١٣٠ ألفًا ما بين فارس وراجل.

على أنَّ الفرصة سنحت لعرب المغرب الأدنى لإشباع نهمهم من الفتن والفوضى عقب وفاة الخليفة يوسف وتملك ابنه يعقوب المنصور (١١٨٤ م - ٥٨٠ هـ) فقد خرج بساحله بنو غانية المسوفيون حكام جزائر الباليار من قبل المرابطين فاستولوا على بجاية في الأول فانتقض العرب على الدولة وانضموا إليهم فاحتلوا بهم الجزائر ومليانة وحاصروا قسنطينة، فسرح يعقوب المنصور لمحاربتهم

<<  <  ج: ص:  >  >>