يعيش شعب الطوارق مثل جميع القبائل الرُحَّل، على الماشية التي تعيش بدورها في المراعي، والمراعي نوعان في بلاد الطوارق: ذات العشب الضعيف والمائل إلى الصفرة والشجيرات والحسك المنتشرة بصورة غير منتظمة هنا وهناك، ولا سيما في قيعان الأودية، والنوع الثاني يتمثل في العشب الأخضر والكثيف الذي ينبت وينمو وقتا قصيرا في مناطق معينة عقب سقوط الأمطار.
والمراعي في الهجار قليلة وموزعة في مناطق متباعدة في صحراء أهجار، ولهذا يحتاج الرحل من الطوارق إلى التنقل الكثير لإرضاء حاجة مواشيهم إلى العشب الطري، حيث إن المراعي التي تقع حول المخيم لا تلبث أن ينفذ ما فيها من الكلأ، ويزيد من وطأة الحاجة الدائمة إلى التنقل ندرة مواقع المياه والآبار، فإنه كثيرًا ما يحدث أن يعثر الرُحَّل على مرعى خصيب العشب ولكنهم لا يستطيعون استغلاله إلا يومًا أو يومين بسبب بعده عن موقع الماء.
وهذه المجموعة من الاعتبارات هي التي فرضت على طوارق الهجار ضرورة انقسام القبائل إلى مخيمات صغيرة سريعة التنقل تتكون من جزء صغير من عشيرة، وفي بعض الأحيان من أسرة واحدة، تنتقل من مرعى إلى آخر كل فترة تتراوح بين أسبوع أو شهر، وهذا التنقل كثيرًا ما يكون لمسافة طويلة، ولو أنه لا يخرج من نطاق حدود أراضي القبيلة.
وبمجرد ما تحط الرحال وتقام الخيام يأخذ الرجال في استغلال المرعى قبل أن يشرعوا في استكشاف المناطق المجاورة بحثًا عن مرعى جديد وموقع جديد للمخيم، وهكذا طوال السنة.
والذين يقومون بقيادة المخيم بين الطوارق الرُحَّل، هم نبلاء القبيلة ورؤساء العشائر التابعة لها، وهم الذين يتولون عملية البحث عن مراعي جديدة كما يقومون في نفس الوقت بدور الحراس والمدافعين عن المخيم ضد غارات الأعداء ويتربصون بالقوافل التي يمكنهم الغارة عليها وسلبها.
وأما رجال العشائر التابعة، فإن دورهم ينحصر في الأعمال اليومية وفي رعي المواشي، في الوقت الذي يشكلون فيه احتياطًا مسلحًا حينما تدعو الحاجة إلى ذلك أي متى توقعت معركة كبيرة، وأما العبيد فيقومون بالخدمة في داخل المخيم.