وهكذا نجد أن توزيع الاختصاص والعمل الاقتصادي، توزيع محكم في قبائل الطوارق في الهجار، وطبقة النبلاء والرؤساء الذين تقع عليهم المسؤولية في الدفاع عن القبيلة والهجوم في الغارات طبقة أساسية خلقتها ظروف حياة الرحَّل في مناطق تمثل القوة فيها أساس الحق والقانون، وهذا التنظيم الذي فرضته اعتبارات تتصل بالحياة اليومية، لا توجد صلة شبه بينه وبين نظام الإقطاع الذي كان يقف على قمته النبلاء في أوروبا في العصور الوسطى، والذين حاولوا المقارنة بين النظامين إنما كانوا يعتبرون ظواهر التقسيم الطبقي وليس حقيقته وطبيعة الدوافع إليه، والنظام السائد في الطوارق نظام ديمقراطي من حيث إن رئيس القبيلة وأمنوكل نفسه، إنما يتم اختياره بطريق انتخاب حر يشترك فيه ممثلو العشائر التابعة ورؤساء القبائل على قدم المساواة مع رؤساء العشائر النبيلة، وهؤلاء يستطيعون خلع الرئيس - على الأقل نظريًا، بنفس الطرق السلمية التي ينصِّبونه بها. وبالتالي، فإنه من الممكن القول بأن نظام الحكومة الذي يسير عليه طوارق الهجار نظام جمهوري ديمقراطي وليس بأرستقراطي عسكري.
وقطعان الجمال والغنم والماعز تمثل مجموع رأس المال الذي يملكه شعب الطوارق مجمل استثماراته، وبالتالي فهي تشكل أساس الاقتصاد القومي في الهجار، والثروة الحيوانية في الهجار قدرت بأرقام تختلف باختلاف العصور التي تناول فيها الباحثون هذا الموضوع، ولكنه يبدو أن الأرقام التالية مطابقة للواقع في السنوات الأخيرة (في السبعينيات) ولو أنها أرقام تقريبية: ١٢٠٠٠ رأس من الجمال، ٢٠٠٠ رأس من الغنم، ٢٠،٠٠٠ رأس من الماعز، ٥٠٠٠ حمار، نحو ٣٠٠ رأس من البقر.
وهكذا نرى أن هذه الثروة الحيوانية متواضعة، ولا سيما إذا اعتبرنا أن الحمير غير منتجة ولا تصلح إلا لحمل الأثقال، وعدد ما يملكه طوارق الهجار من البقر ليس له أية أهمية تذكر، ومجموع المال المحتفظ بها في الهجار لا يتجاوز ٤٥٠٠ جملا، والباقي تخرج للرعي مع الرُحَّل في منطقة تامسنا وعلى أطراف السودان، في منتصف المسافة بين آير ومنعطف نهر النيجر، وكذلك تخرج معظم القطعان للرعي خارج منطقة الهجار، ولا سيما في أراضي تين زواتنة التي تمتد في الجنوب الغربي للهجار، وفي شمال شرق تامسنا