للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والطوارق يعنون بتربية جمال الركوب عناية خاصة ويبذلون كثيرًا من الجهد لإعداد الجمل لمهمته منذ السنة من عمره ويخُصى الذكر في سن الخامسة.

وإذا كانت الثروة الحيوانية والبساتين تشكل القاعدة الأولى لاقتصاد طوارق الهجار، فإن التجارة لها مكانتها أيضًا في هذا النظام، والمادة الأولى في هذه التجارة هي الملح الذي سبق أن لاحظنا أنه يشكل حجر الزاوية، بل والعملة الصعبة أيضًا، للتبادل التجاري في الصحراء الكبرى كلها.

ففي شهر أبريل أو مايو يرسل بعض الطوارق خدمهم من السود للعمل في منجم "امدرور" لاستخراج الملح لمدة أسبوعين أو ثلاثة، وفي شهر يوليو ينقلون شحنات من الملح على ظهور الجمال ويمرون بمراعي تامسنا حيث يتيحون فرصة من الراحة لجمالهم، وبعد ذلك يبدلون بعضها بجمال أكثر حيوية وأشد قوة ويمضون بها في اتجاه المراكز التجارية الواقعة على الحدود الشمالية للنيجر، وهناك تجرى المعاملات التجارية لمدة نحو شهرين بالملح الذي يبادله الطوارق بالتمور والحمير والجمال والذرة وغير ذلك من منتجات الشمال والمنتجات المصنعة المستوردة، مثل ملابس القطن والأحذية والأواني المنزلية والآلات المصنوعة من الصلب والحديد والأسلحة والذخيرة.

وفي شهر يناير يعود طوارق الهجار إلى الشمال ويستريحون بعض الوقت مرة أخرى في تامسنا، قبل أن يواصلوا سفرهم إلى بلدهم حيث يصلون في شهر مارس، أو أوائل أبريل.

والرحلة التجارية الأخرى التي يقوم بها الطوارق هي التي تتجه فيها القوافل إلى أسواق "تيدكلت" و"توات"، وهي تبدأ من الهجار في شهر يناير أو أوائل فبراير وتنتهي في شهر أبريل. وفي هذه الأسواق يبيع الطوارق الجمال والغنم والماعز والحمير ومنتجات الألبان، مثل السمن، ويشترون في مقابلها التمر والملابس القطنية وأغطية الصوف التي تُصنع في القرارة، والشاي والسكر.

على أن هذه الأسواق قد تقلصت كثيرًا في غضون الثلاثين سنة الماضية بسبب تدخل الوسطاء المجهزين بالشاحنات والذين استولوا على عمليات نقل هذه

<<  <  ج: ص:  >  >>