والنهب وإما بسبب الأحقاد بين القبائل وطلب الثأر، وهذه الغارات كثيرًا ما تتخذ شكل هجمة ليلية مفاجئة بها جماعة صغيرة من الرجال تستولي على ما أمكنها الاستيلاء عليه من الماشية ثم تختفي في الطبيعة الصحراوية ولا سبيل إلى تعقب أثرها، وعبيد الطوارق كانوا هم أيضًا يقومون بغارات على القرى السود التي تقع في أطراف الصحراء ويعودون بسبي يعزز ما يملكه المخيم من اليد العاملة، على أن هذه الغارات اختفت في العصور الحديثة نتيجة لتحريم الاسترقاق، كما اختفى المورد الذي يجنيه الطوارق من حماية القوافل ومن تسيير القوافل، عقب حلول السيارة الشاحنة محل الجمل في نقل البضائع عبر الصحراء، وهذه التطورات كان لها أثر قوي، ولوحظ منذ أواخر القرن الماضي في تدهور الاقتصاد الصحراوي في الهجار - ذلك الاقتصاد الذي لم يكن يتسم بالقوة على كل حال، في أي عصر في تاريخ هذا الشعب الذي ظل القرون تلو القرون متمسكا بنمطه الثقافي الخاص وبطريقة معيشته التي لا يرضى بها بديلًا.
وهذا النمط الثقافي سوف يفتض الاستعمار الفرنسي أسراره ويوقف نموه الطبيعي بعدما بسط سيطرته على الهجار عقب المعركة التي وقعت في واحة "تيت" الصغيرة بين جيش فرنسي بقيادة الملازم "كونتنست" والطوارق في ٧ مايو ١٩٠٢ م، والتي أبدى فيها رجال الهجار ضروبا من الشجاعة والبطولة لا تقل عما أبدوه في معارك سابقة، ولا سيما في الموقعة التي تحمل اسم "فلاتر" والتي سبق الحديث عنها، فقد أصبحت طريق الهجار بعد ذلك مفتوحة أمام رجال الإدارة العسكرية الفرنسية وأمام أنماط الثقافة الاستعمارية، وخصوصًا أمام أفواج المبشرين بتوجيه شيخهم، شارل دوفوكول، بحماية حراب "لابيرين".
والطوارق الرحل يعيشون في خيام خاصة تصنع عادة من جلود الماعز، وأحيانًا من جلود الغنم أو العجول، ولكن النبلاء يتخذون لأنفسهم خياما من جلد الموفلون الذي يعتبر الكلمة الأخيرة في البذخ والأناقة، والجلد يدبغ ويجهز بصفة خاصة ويكون ناعم الملمس وذا لون يميل إلى الحمرة، وبعد إعداده يقطع إلى قطع متلائمة ثم تخاط كل قطعة بأخرى بعناية بخيط من الجلد نفسه، وعدد القطع الضرورية لصنع خيمة يتراوح بين ٣٠، ١٥٠ قطعة وذلك حسب كبر حجم الخيمة