وتيامنت عنز أيضًا، فصارت حلفاء لخثعم؛ وعنز: هو عبد الله بن وائل بن قاسط، وإنما سمي عنزًا لأنه كان يشبه رأسه رأس العنز، وكان محدد الرأس.
وظعنت بنو حنيفة بن لجيم بن صعب بن علي بن بكر بن وائل، يتبعون الكلأ والماء، وينتجعون مواقع القطر والغيث، على السمت الذي كانت عبد القيس سلكت، فخرج منهم عبيد بن ثعلبة بن يربوع بن ثعلبة بن الدول بن حنيفة، منتجعًا بأهله وماله، حتى هجم على اليمامة، فنزل بموضع يقال له قارات، وهي من حجر على ليلة، فأقام بها أيامًا، ومعه جار له من اليمن، من سعد العشيرة، ثم من بني زبيد، ثم إن راعيًا لعبيد خرج حتى يأتي حجرًا، فأخبره وقال: رأيت آطامًا طوالًا، وشجرًا حسانا، وهذا حمله؛ وجاء بتمر نخيله وجده منترًا تحت النخل، فأكل منه عبيد، فقال: هذا والله الطعام، وأصبح فأمر بجزور فنحرت، ثم قال لبنيه وغلمانه والزبيدي: احترزوا حتى آتيكم، فركب فرسه، وارتدف الغلام خلفه، وأخذ رمحه حتى يأتي حجرًا، فلما رآها عرف أنها أرض لها شأن، فوضع رمحه في الأرض، ثم دفع الفرس، فاحتجر على ثلاثين دارًا وثلاثين حديقة، فسميت حجيرته حجرًا، فهي حجر اليمامة. وقال في ذلك شعرًا:
حللنا بدار كان فيها أنيسها … فبادوا وخلوا ذات شيد حصونها
فصاروا قطينا للغلاة بغربة … رميما وصرنا في الديار قطينها
فسوف يليها بعدنا من يحلها … ويسكن عوض سهلها وحزونها
قال: وكان لبكر بن وائل صنم يقال له عوض؛ ويقال بل عوض الدهر، وقد جاء فيه شعر:
قال رجل من عنزة قديم، يخبر أن عوضًا صنم لبكر كلها: