للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ودخل الذر منخريها ومسامعها فوقعت لشقها فهلكت، ووجدت الجُهنيان عند الهضبة الماء وهو الماء الذي يقال له مِشْجَر وهو بناحية فرش مَلَل من مكة على سبع أو نحوها من المدينة على ليلة إلى جانب مثعر وهو ماء لجُهينة معروف .. فيقال أنهما بقيا بتلك البلاد وصارت بها جماعة من جُهينة .. وكانت بقايا جُذام سكان أرض تلك البلاد يقال لها يَنْدُد فأجلتهم عنها جُهينة وبها نخل وماء، فقال رجل من جُذام حين ظعن منها وألتفت مُتحسِّرًا إلى يَنْدُد ونخلها:

تأبري ينْدُد لا آبر لك!

وكان لعجوز من جُذام هناك نخيلات بفناء بيتها، وكانت إذا سُئلت عنهن قالت: هن بناتي فقيل لهن: (بنات بحنه) ولا يغلمونها كانت بموضع قبل يَنْدُد وفيها يقول الراجز:

لا يغرس الغارس إلا عجوه

أو ابن طاب ثابتًا في نجوه

أو الصياحي أو بنات بحنه

فنزلت جُهَيْنة تلك البلاد وتلاحقت قبائلهم وفصائلهم فصارت نحوًا من عشرين بطنًا، وتفرقت قبائل جُهينة في تلك الجبال وهي الأشعر والأجرد وقدس وآره ورضوى وصندد، وانتشروا في أوديتها وشعابها وعراضها وفيها العيون والنخل والزيتون والبان والياسمين والعسل وضرب من الأشجار والنبات، وأسهلوا إلى بطن إضم وأعراضه وهو واد عظيم تدفع فيه أودية ويفرغ في البحر، ونزلوا ذا خشب ويَنْدُد والحاضرة ولقفا والفيض وبواط والمصلى وبدرا وجفاف وودان وينبع والحوراء ونزلوا ما أقبل من العرج والخبيتين والرويثة والروحاء، ثم استطالوا على الساحل وامتدوا في التهائم وغيرها حتى لقوا بلْيًا وجُذام بناحية حقل (١) من ساحل تيماء، وجاورهم في منازلهم على الساحل قَبائل من كنَانة، ونزلت طوائف من جُهينة بذي المروة وما يليها إلى فيف، فلم تزل جُهَيْنة بمناَزلها حتى جاورتهم بها أشْجَع بن ريث بن غَطَفان بن سعد بن قيس عَيْلان بن مُضر، ثم نزلتها أيضًا معهم مُزينة من أد بن طابخة بن إلياس بن مُضَر، فتجاورت هذه القبائل في هذه البلاد


(١) حقل على شاطئ البحر الأحمر - خليج العقبة - وهي من ديار حويطات التهم الآن.

<<  <  ج: ص:  >  >>