للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن بلاد الجبلين - الذي سيرى النور قريبًا - فإنني أجد نفسي مشدودًا إلى الحديث عن هذه البقاع وما يتصل بالغطفانية من الحوادث القديمة.

قال الدكتور يوسف خليف - رحمه الله - في تحليله لمراحل تطور الشعر العربي الجاهلي: إن حرب داحس والغبراء هي إحدى مراحل هذا التطور قبل حرب ذي قار التي دارت رحاها بين بني بكر بن وايل والإمبراطورية الساسانية الفارسية، وبعد حرب البسوس التي حدثت بين ابني وايل: بكر وتغلب من ربيعة بن نزار العدنانية، والمنسوبة إلى البسوس بنت منقذ. وقد ألمح الدكتور الشنطي إلى هذا التحليل التأريخي عن مراحل المسيرة الشعبية نقلًا عن الدكتور خليف، وقدّم دراسة جيدة عن زهير بن أبي سلمى وشعره، غير أنه لم يحفل بتحديد الأماكن الوارد ذكرها في ذلك الشعر القديم ولا بمحاولة التعرف عليها، ولا أين الحاجر الذي كان يعيش فيه زهير مع أخواله بني عبد الله بن غطفان حتى أصبح هو وذووه في عدادهم وحتى أصبحت الحاجر وهي البعايث الآن موئلًا خاصًّا به وببنيه من بعده؟ (١).

كما أن الشنطي لم يحفل بموضوع التعريفات العربية القديمة، وفي ظني إن معرفة الأماكن والتفريع العربي القديم لازم لفهم الشعر وضروري لمعرفة مراميه، ولعّلي لا أستطيع الوقوف طويلًا لأضرب الأمثلة في البلدانيات والتفريعات التي لو تم معرفتها وتبسيطها في بحث الشنطي لخدمت دراسته ولقدمت للقارئ بصورة أكثر وضوحًا. . والشنطي يعيش الآن على الأرض التي كانت تقطنها غطفان في حائل وعاش فيها زهير مع ممدوحه هرم بن سنان صاحب مغارم وديات حرب داحس والغبراء. . لكني لا أستطيع تجاوز قول الدكتور: إنّ معدًا هي قبيلة عربية وأبجديات التفريع للنسب العربي يفهم أن المعدية هي جماع العدنانية بأسرها بشعبيها الكبيرين: ربيعة ومضر، قال الأعشى الحنفي البكري ثم الوايلي في يوم ذي قار:


(١) زهير بن أبي سُلمى من مُزينة لكنه عاش مع أخواله بني عبد الله بن غطفان فعُدَّ منهم، ومنزله أرض الحاجر التي قامت عليها بلدة البعابث بحائل وإلى الشمال منها بينها وبين سميراء توجد وتدة وكتيفة، ذكرها الأصمعي في منازل بني عبد الله بن غطفان.

<<  <  ج: ص:  >  >>