للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمّا الذي هاج حرب داحس والغبراء فهو رهان ابن قيس بن زهير سيد بني عبس من غطفان من جهة وبين حذيفة بن بدر وأخيه حَمَل بن بدر الفزاريين من جهة أخرى، وقد تخاطر على سباق الخيل، وكان المضمار أربعين ليلة، والغابة مائة غلوة. . وبدأ السباق من عند ذات الأصاد. . وهي ذو حسي على ما يذكر البكري عن اليزيدي، وداحس من خيل بني رياح بن يربوع بن حنظلة من نسل ذو العُقال (١) صار لقيس فمضى يفاخر به الناس على أنّ الحرب كانت ستنشب لا محالة، وما السباق إلا شرارة أشعلت الفتيل إذ إنّ الخلاف على الزعامة والمرعى كان محتدما.

وسقط أول قتيل في حرب داحس في الحاجر وهو مالك بن قيس العبسي. . ورد في أخبارها اسم واردات الجبل الواقع غرب سميراء (٢)، وقطن الجبل الواقع إلى الجنوب الشرقي منها، وعنده اصطلح الفريقان على ما يذكر ابن عبد ربه بعد أيام طوال ذكر أن أشهرها: ذو حسي، وقطن، والمريقب، واليعمرية، والفرزدق، وهذا الأخير في البحرين في أرض بني سعد من تميم، وفيه ظهر بلاء عنترة بن شداد (٣).

على أنه مع شدة أيام هذه الحرب وتنقلها في أرض جزيرة العرب فإن الأمر لا يبلغ مبلغ التهويل الذي ذهب إليه الدكتور البياتي حين جعل هذه الحرب أصلًا تدور في فلكه جميع وقائع جاهلية العرب. . وقد ذكرت في محاضرة لي عن


(١) والغبراء قريبة لداحس وهما: من خيل قيس بن زهير أجراهما في السباق وأجرى حذيفة وحمل الخنفاء والخطار، ومال الشيخ حمد الجاسر إلى أن داحسا لقيس والغبراء لآل بدر - وهذا رأي مرجوح في نظري. انظر الحازمي: الأماكن، باب أجلا وأخلا.
(٢) وهو غير واردات الواقع في عالية نجد الذي شهد يومًا من أيام البسوس.
(٣) وهناك يوم حدث في عراعر في موقع العبسية الآن غرب جبل أجأ، وذكر ابن عبد ربه إن صلح حرب داحس والغبراء قد تم في جبل قطن الواقع إلى الجنوب الشرقي من سميراء، وكان أهل سميراء إلى وقت قريب يجلبون منه مياه الشرب، أما ذو حسي فهو أحساء بطن الرَّمة عند العجاجة، وما بين العجاجة والرقم أسود العشاريات حدث بين يوم من أيام البسوس، وذكر الشيخ حمد أن العجاجة قامت على ما كان يُعرف بالحرب قديمًا، وأشار إلى ذي حسي في كتاب الأماكن وإنها في الشربة بين الجرير ووادي الرَّمة وكأنه يضعف ما سبق ذكره من أنها أحساء وادي الرَّمة (العجاجة) في شرق الرقم وكان قد ذكر في المعجم. انظر الحازمي: الأماكن، مادة جرت وحرب، ومادة أجلا وأخلا.

<<  <  ج: ص:  >  >>