للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"الأيام في البحرين" إن جمع البياتي لروايات أبي عبيدة المشحونة بمثالب العرب، وسوءاتهم يفتقر إلى أدنى مقومات التحقيق العلمي، إذ خلا عمله من ضبط الأعلام والأماكن والتعريف بالمواقع وتحديدها تحديدا بلدانيا، ولم يعن بإصلاح التصحيف المخل وهو كثير. . كما أن نزوعه إلى أن يكون للعرب ملاحم شبيهة بملاحم الأمم الأخرى ليس في محله، فليس داحس ملحمة تنضوي تحتها أغلب وقائع العرب التي حدثت معظمها في شرق الجزيرة ذكرت منها في المحاضرة ما يزيد على الأربعين يومًا.

أما الحاجة في أن تكون دوافع الأيام عقدية دينية فهو إغراق فلسفي لا يسنده دليل، ولعل وقوعه تحت تأثير بحوث له عن عروة بن الورد العبسي والربيع بن زياد العبسي جعله ينشط في تضخيم أمر داحس.

ومن تتبع أخبار الحارث بن ظالم المُري الذبياني بعد أن اندس في جبل أجأ اثر مقتله لخالد بن جعفر العامري وغضب المناذرة عليه ثم اختبائه في جبل العلم إلى أن أجاره معبد بن زراره التميمي وما ترتب على ذلك من أيام جاهلية هي: رحرحان شرق الحناكية في الطريق إلى الرّبذة، وشعب جبلة في عالية نجد ثم ذي نجب في العالية أيضًا يتضح أن أيامًا غطفانية قد حدثت لا تمت إلى حرب داحس بصلة فضلًا عن أيام العرب الأخرى.

وما يؤثر عن الحارث بن ظالم من أخبار ذات فائدة تاريخية وأدبية من غير جدال غير أن ما قيل من أن امرأ القيس الكندي اليماني سار من أجأ إلى تيماء بعد أن أمنّه الربيّع بن ضبع الفزاري الذبياني. . وأن السموأل صاحب تيماء أجاره إلى أن غادر من عنده إلى الشام فإمبراطور بيزنطة، وقتل الحارث بن ظالم لولد السموأل مدعاة للشك، فهذه القصة تبدو منتحلة مصنوعة.

لقد وقف ابن الكلبي مع شهرته في الطعن بالصحابة كما يقول ابن تيمية ومع أنه راوية للمثالب عيّابة كما يقول الجاحظ وقف عند أمر لم يستطع التطاول عليه فبدأ في جمهرته بالمعدية لمكانة الرسول - صلى الله عليه وسلم - من عدنان، وأشار إلى ذلك الدكتور زكار وزركلي في مقدمتهما لكتاب البلاذري؛ إذ جل ما ورد فيه نقله عن ابن الكلبي، وسار على تقديم معد النسابون وليس النسابة كما يقول أبو سديرة؛

<<  <  ج: ص:  >  >>