للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذ النسابة لفظ يطلق على المفرد وليس على الجمع، وتحلل ابن حزم من كثير من سوءات ابن الكلبي فيما نقل عنه لكن المغيري أخّر معدا واجتهد في نسبه كل مجدٍ للعاربة ولفق أنسابا كثيرة معتمدًا على مجرد تشابه الأسماء المعاصرة بأسماء قديمة.

ومن أخبار فدك في العصر الجاهلي أن الحرب الفجار بين قريش وهوازن أو بين كنانة وقيس بمعنى أصح صلة بأرضها، ذلك أن النعمان بن المنذر طلب من يجيز لطيمة له من الحيرة لتباع بسوق عكاظ فقال البرّاض الكناني: أنا أجيزها أو أجيرها على كنانة، فقال عروة الرحال الكلابي وهو من هوازن من القيسية وقد استكثر أن يجيز اللطيمة خليع كناني: أنا أجيرها على أهل الشيح والقيصوم، يعني على العرب جميعًا فدفعها النعمان إلى عروة الرحال فسار بها، ولما كان بأرض فدك أدركه البرّاض وقتله فشبت حرب الفجار بين أحياء المصرية: كنانة وقيس، وحضر الرسول - صلى الله عليه وسلم - وعمره أربع عشرة سنة إحدى وقائعها.

وورد أن اثنين من القيسية تبعًا البرّاض حتى لقياه بخيبر فاستدرجهما إلى دار خربة وقتلهما بحيلة، وعلى عادة اختلاق أنساب البلدان فإن خيبر منسوبة إلى خيبر بن قانية إلى عبيل، وعبيل هو أخو عاد، كما أن فدك منسوبة على رأي ابن الكلبي فدك بن حام كشأن سميراء، وزرود في الانتماء إلى الأمم القديمة!!

وخيبر موصوفة بالحُمَّى لا تفارق أهلها، ومثلها فدك، قال العجاج السعدي:

كأنه إذا عاد فينا أو زحك … حمّى قطيف الخط أو فدك

وتزعم اليهود أن التعشير ينجي من حُمّى خيبر، والتعشير هو أن ينهق الرجل عشر مرات، ومن الطرائف ما يروى عن عروة بن الورد العبسي الغطفاني من أنه أبي التعشير وعشّر من معه فمات المعشرون وسلم هو وقال:

وقالوا: اجث وانهق لا تضرك خيبرُ … وذلك من دين اليهود ولوع

العمري لئن عشّرت من خشية الردى … نهاق الحمير، إني لجزوع

<<  <  ج: ص:  >  >>