وليس أبلغ في الدلالة على بقاء غطفان قوة متماسكة في الإسلام من وقائعها الحربية كوقعة ذات قين، فقد أصابت كلب القضاعية فزارة في "العاه" في الطرف الجنوبي من محجر الذي يقال له الآن جبل المسمى في غرب منطقة حائل فأصلح بينهما الخليفة عبد الملك، غير أن فزارة الذبيانية ثأرت لنفسها في بنات قين في عقر دار كلب في بادية السماوة مما أغضب الخليفة عبد الملك فطلب زعماء فزارة وقتلهم صبرًا.
وقبل ذلك وفي عام ٣٩ هـ اقتتل جيشان من غطفان في تيماء أحدهما عراقي عليه المسيب بن نجبة الفزاري الذبياني من قبل علي والثاني شامي عليه عبد الله بن مسعدة الفزاري الذبياني من قبل معاوية، وكانت الغلبة للمسيب ومن معه. . وكان المسيب من خاصة علي وله أحاديث عنه يرويها عمار الدهني! ثم كان ممن وجهوا الدعوة إلى الحسين للقدوم إلى العراق ثم خرج مع ثورة التوابين وزعيمها سليمان بن حرد الخزاعي. . وفي تلك الثورة قُتل. . ولما سيرت الدولة الأموية في عهد يزيد بن معاوية جيشًا إلى الحجاز بعد مقتل الحسين كان قائد هذا الجيش غطفاني من بني ذُبيان هو مسلم بن عقبة المري وكان من المدافعين عن المدينة غطفاني آخر وهو: معقل بن سنان الأشجعي وفي تلك الوقعة قُتل.
وكانت غطفان قوة يحسب لها حساب لما توجه إليها جيش عباسي في فدك في عام ٢٣١ هـ ليحارب فزارة ثم بني عبس، هذا مع أن ما قيل من اشتراك غطفان مع اليهود في حرب خيبر لم يتم، وإذا كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - واعد غطفان الحرب في جنفاء التي هي الشملي الآن فإن حربا بينه - عليه السلام - وبينهم لم تحدث، وقد اشتركت قريش مع اليهود في موقعة الخندق والأحزاب وحصل من قريش وغيرها من قبائل العرب حروبًا فلم يقل أحد أن واحدة من هذه القبائل قد تأثرت بسبب موقفها قبل إسلامها. . وحروبها ضد المسلمين، وبرز في غطفان في الإسلام مشاهير من الشعراء مثل أرطأة بن سُهيَّة القائل:
يآل ذبيان ذودوا عن دمائكم … ولا تكونوا القوم أم خنّور