للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القضاة. ووافق ابن هذَّال على إحالة القضية على ابن طريّف وهو يعرف الحكم سلفًا.

وصدر حكم ابن طريف بقطع يد الفاعل. ولكن عنزة رفضت ذلك، وساومت في شراء اليد بعشر من الإبل. فرفض ابن دهيِّم. فتنافر القوم فرحلت حرب حتى نزلت وادي الحسا (من العقيق) وجهز ابن دهيِّم المجلَّلة، وهي أول مرة وآخر مرة تُجهز حرب فيها مجلَّلة. ذلك أن المجلَّلة لا تجهز إلا في الضيم الأعظم. والمجلَّلة: (ذلول (١) تُلَبَّس بالسواد كل ما عليها ويلبس راكبها السواد حتى تبدو وراكبها كتلة سوداء). وقال ابن دهيِّم: اذهب فطف على أمراء حرب، ومن أراد أن يبيضها فقل له: إنه لا قبل لك بذلك!. فطافت الذلول بابن جزأ، وابن مضيان، وابن حصاني، وابن طامي، وكلهم تخلَّى عنها. فسار بها حتى نزل على ابن عسم في خليص. ولما رآها ابن عسم خرج إليها فأناخها بنفسه فأمر العبيد أن يبيضوها. فقال المرسول: إنه ليس بإمكانك القيام بهذه المهمة. فلم يجبه ابن عسم، وأمر عبدًا له أن يدق (٢) زير الحرب، وهو زير من الصفر دائري الفوهة واسعها ضيق القاعدة ويسمع على بعد ٤٠ كم، ويقول البلادي: وقد قرع في خليص فسمعته أنا في عسفان، وهي مسافة ٣٠ كم تقريبًا.

وأمر ابن عسم بذبح أربعين رأسًا من الغنم تطبخ على فترات متفاوتة بحيث يستمر الطبخ حتى شروق الشمس (٣)، وهو موعد وصول آخر من يسمع زير الحرب.

وكانت من عاداتهم أن من يكون آخر من يصل إلى الصوت يرسل من عنده


(١) الذلول: واحدة الركاب، وجمعها ركاب أو ذلائل، والأخير جمع قلة.
(٢) يقرع زير الحرب.
(٣) هذه رواية المعمرين، ولن نأخذها على الحرفية، إنما كما هذا حدث.

<<  <  ج: ص:  >  >>