للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى من لا يصل إليه صوت زير الحرب يخبره بذلك النذير الذي لا يدق إلا في الأزمات الكبار المستعجلة.

وعلى هذا الصوت المدوي تجمعت حرب من الجبل إلى البحر في حدود سماع الصوت على كل صعب وذلول.

وما إن أصبح الصباح حتى تجمَّع حول منزل ابن عسم عشوات الألوف المدججين بالسلاح. ولم يكن قد سأل ضيفه من أين أتى وما الذي أتى به، وهنا نظر إلى ضيفه وقال: أين تنزل يا حربي؟! قال: الحسا. فقام ابن عسم فقال لقومه: موعدكم وادي ملل.

فتفرق القوم، فقال لضيفه اذهب وعد ١٥ يومًا ثم انتظرنا في الفريش. وقام ابن عسم فحط كل من قديد وكلية والنويبع والفرع (١)، وكلها يعمل كما عمل في خليص. أما عنزة فقد عرفت مغبة ما فعلت فأرادت أن تبعد الحرب عن ديارها. وهي خطة حربية ماهرة، الذي يستطيع نقل المعركة إلى أرض العدو.

فأغارت على حرب في الحسا والعقيق فأجلتهم إلى ملل.

وأرسل ابن عسم إلى أمراء حرب أن يحملوا كل ما لديهم من ذخائر البارود والسلاح على كل دابة متوفرة، فحملت الجمال والحمير حتى شوهد النساء في قوافل متراصة وعلى رءوسهن أكياس البارود. ولم يعد لجرود (٢) حرب دواب تحملهم فاكتفى الكثير منهم بالاشتراك في بعير واحد يحملون عليه زادهم وماءهم، ويمشون خلفه. فضلّ جمل لحرب فوقع بيد عنزة في العقيق وجاء به صبيان يضحكون ويقولون: كسبنا بعيرًا لحرب. فنظر إليه شيخ مسن فهاله ما على الجمل


(١) أودية مأهولة يمر بها السائر على التوالي متجهًا شمالًا.
(٢) الجرود: جمع جردة، مجموعة من الناس.

<<  <  ج: ص:  >  >>