للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من قرب فارغة قد علق بعضها فوق بعض، فقال الشيخ: عدوا هذه القرب. فعدوها فإذا هي سبعون بدرة (١).

فـ. . . الشيخ: فضحك الصبية، فقال متمثلًا: أمور تضحك السفهان منا، ويبكي من عواقبها اللبيب.

وقال الشيخ: إذا كان كل بعير لحرب يمشي وراءه سبعون رجلًا فأين تذهب عنزة؟!

كان ابن هذَّال في هذه الأثناء لا يزال في الحناكية، فأراد ابن عسم أن يفاجئه. فطلب من قبائل بني عمرو أن تطوق عنزة المتوغلين في ديار حرب وتمنع وصولهم إلى شرق المدينة. وهاجم أهل الحسا قرب ذي الحليفة فقبض على العنزي مثير هذا السبب وبعض أقربائه فأعدمهم، ثم زحف شرقًا حتى اقترب من الحناكية بليل، فلما كان قريبًا أمر كل رجاله أن يطلقوا النار في الهواء، وكانت البنادق في ذلك العهد معظمها ما يسمى "أم فتيل" وهو نوع بدائي من البنادق يشحن بالبارود ثم تشعل له فتيلة خارجية فيكوى بها البارود فيثور محدثًا لهبًا ودخانًا. وفي منتصف الليل استيقظت بنت ابن هَذَّال (٢) فأيقظت أباها قائلة: أبشر يا أبي! فقد جاءك برق الخريف من الغرب. فقال ابن هَذَّال: إن برق الخريف لا يكون في منتصف الليل، ولكنه البارود فقد صبحتنا حرب.

وأيقظ قومه وأرسلت النجاجيب (٣) إلى كل فريق من عنزة، ودارت المعركة


(١) البدرة: ما يحمله الطرقي من القرب أي قربة صغيرة.
(٢) جميع روايات العرب يدخلون فيها النساء، وكثيرًا ما يبالغون في دورهن والحقيقة أيضًا أنه كثيرًا ما يكون لنساء البادية دور فعال في الأحداث وخاصة من تربى منهن في البيوت النابهة ووعى الأحداث وعقلها، وعلى كل حال فإنك واجد في ثنايا هذا الكتاب لمحات عن أدوار النساء.
(٣) جمع نجاب: وهو في الأصل ما يركب على النجيبة، وهي الذلول الأصيلة ثم أطلقوا اللفظ على كل من يرسل من قبل المسئولين.

<<  <  ج: ص:  >  >>