للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفاصلة في اليوم التالي، ولا يعلم أحدٌ كم ظلت هذه الحرب غير أنه من المؤكد - نظرًا لقوة القبيلتين - أنها لم تنته، في أيام قلائل. ودارت الدائرة على عنزة وهي سنة الله في خلقه فما بغى أحد في هذه الأرض على عباد الله إلا أتاه الله من حيث لا يحتسب ونصر المظلوم على الظالم. وفى الأثر (اتقوا دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب).

وجلت عنزة من هذه الأرض وملكت ديارهم وأموالهم حرب، ومن الغنائم التي لا تزال تذكر "نجر ابن هَذَّال" يقال: أنه لا يزال موجودًا عند ابن هُنُود الربيقي من بني عمرو.

ومما تبقى من حوادث تلك الحرب: ريع مفرح: وهذا الريع على مرحلة من الحناكية على جادة القصيم قتل فيه مفرح ولد ابن دهيِّم أخو المرأة صاحبة الفتنة، ووادي النساء: شمال شرق الحناكية بمرحلة سمي بذلك لأن نساء من عنزة ضللن فيه فقتلهن العطش (١)، ومكثت عنزة زمنًا في نواحي وادي الرِّمة ثم انساحت إلى العراق. أما عنزة الموجودون اليوم بين خيبر وتيماء فهذه ديارهم من الأصل ولم يشتركوا مع قوم ابن هذَّال في الحرب فيما أعتقد. ويروى عن ابن مهيد المصوت بالعشاء قوله: جزى الله حربًا خيرًا فقد أخرجتنا من ديرة الجوع إلى ديرة الخير والطعام الوافر. وسواء قال ذلك بنو هذَّال أم لم يقولوه، وسواء كثر خير العراق أم قل فإن هذه الأرض ليس لها عوض ولا كفء.

وكان لعنزة عبد متزوج جارية (٢) من حرب، وغنمه معزى، فقالت زوجته: إنني لا أصبر عن عماني ومعزانا لا تصلح لها غير أشجار الحجاز، فدع عنزة وشأنها ولنبق هنا. فوافق على ذلك.


(١) هذه رواية متواترة من مشايخ حرب.
(٢) الجارية في عرفهم: القينة.

<<  <  ج: ص:  >  >>