للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولهذا فإنه ليس من المعقول تَرْكُ قول الهمداني وهو النسابة العربي وابن الجزيرة العربية الذي جاب نواحيها وعرفها موضعًا موضعًا ووصف جبالها ووهادها ووديانها ومسالكها وكتب عن قبائلها ومنازلها، في حين نأخذ ما كتبه ابن الكلبي وهو من هو عند أهل عصره، أو نعتمد على ما كتبه ابن حزم وهو أندلسي المنشأ كتب عن قبائل الجزيرة نقلًا أو سماعًا، وليس عن مشاهدة واتصال بمن كتب عنهم!.

ولا أدري كيف يمكن للشيخ قبول أقوال الهمداني في البلدانيات ورد أقواله في الأنساب بحجة أنه يستطيع التحريف في الأنساب ولا يستطيع التحريف في المواضع الجغرافية؛ لأنها ثابتة لا يقبل فيها الكذب، في حين يَفْترِض أن ابن الكلبي رغم اشتهاره بالكذب لا يستطيع الكذب بالأنساب لأن أهل زمانه سيرُدُّون عليه ويكشفون كذبه؟.

أقول: ولماذا لا يخشى الهمداني أن يكتشف أهل زمانه أكاذيبه؟ أليس هذا تناقضًا في التبرير؟ أليس من الأولى أن ينطبق هذا التبرير على الهمداني الذي لا يصل إلى درجة ابن الكلبي في الكذب ولا يصل ابن الكلبي إلى درجته في معرفة الجزيرة وسكانها من القبائل.

الأمر السادس: يقول أبو عبد الرحمن: (إنني تتبعت أخبار المقتدر بالله في أمهات كتب التاريخ فما وجدت لحرب أحداثا في طريق مكة والمدينة، وما وجدت أنه بعث لهم بالمال لخفارة الطريق. وذكر الهمداني أن بعث المال مستمر طوال حياة المقتدر بالله، فهو خبر هام عن الخلافة في أقصى الشمال لا يوجد عند غير الهمداني في صعدة بالجنوب!).

أقول: إن علاقة المقتدر بالله بقبائل ما بين الحرمين ثابتة في المصادر التاريخية مما يؤيد رواية الهمداني، ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر ما يلي:

١ - لقد ذكر المؤرخ الشيخ عبد الله غازي في كتابه "إفادة الأنام" ما مفاده أن: أول من أرسل صُرَّة النقود إلى الحرمين المقتدر بالله العباسي سنة ٣٢٠ هـ،

<<  <  ج: ص:  >  >>