واجتمعوا إليه، وجمعهم من عشرة، واثنين، وخمسة وواحد، وأخذ من جمعت السوارقية من غير سُليم من أفناء الناس وهربت خُفاف من بني سُليم إلا أقلها، وهي التي كانت تؤذي الناس، وتطرق الطريق، وجل من صار في يده من بني عوف، وكان آخر من أخذ من بني حبشي (١) من سُليم، فاحتبس عنده من وصف بالشر والفساد، وهم زهاء ألف رجل، وخلّى سبيل سائرهم، ثم رحل عن السوارقية إلى المدينة في ذي القعدة سنة ثلاثين ومئتين - ثم ذكر الطبري بقية خبرهم مع من جمعهم من بني هلال وبني كلاب من عامر بن صعصعة من هوازن - وهو أن احتبسهم في السجن بالمدينة، وبعد أن عاد من مكة وجد أن أهل المدينة قتلوهم عن آخرهم بعد أن رشوا الحارس، وقد حاولوا الهروب بعد أن فتح لهم الباب، وقد أمر بغا بعمل مقبرة جماعية لهؤلاء المقتولين ووضعهم أكوامًا فوق بعضهم البعض في المقبرة.
وهنا نقول لمن تلقفوا نص البلخي عن حرب الذي ذكر توليهم على بعض المزارع والضياع لبني جعفر بن أبي طالب بالفرع أواخر القرن الثالث أو أوائل الرابع الهجري - على رسلكم - وأبو زيد البلخي توفي عام ٣٢٢ هـ (في بداية القرن الرابع الهجري) وقد اعتبروا هذا النص دليلًا على صحة قول الهمداني وشطحاته أن حربا كانت مسيطرة على بلاد ما بين الحرمين منذ القرن الثالث الهجرى!!
وما دام المؤيدين للهمداني مما ذكرنا مثل الأستاذ فايز البدراني أو الشيخ حمد الجاسر أو غيره من الباحثين من حرب يتمسكون ببعض النصوص غير الجازمة مثل نص البلخي ليأكدون أوهام الهمداني .. فنقول لهم هل تتمسكون بما يحلو لكم وتتركون نصوصًا أخرى أكثر قوة وحيادية في نفس الزمن (القرنين الثالث والرابع الهجريين)؟!
وهل نص ابن جرير الطبري لم يمر عليكم؟ علما بأن الطبري كان في عداء مستحكم مع بني سُليم إلا أنه لم ينكر الحقيقة، وقال إن سُليم هي القوة الأولى
(١) حبشي هي ما تعرف الآن بحبش من قبائل سُليم بين الحرمين، وفي كتاب التعليقات والنوادر ص ١٧١٥ للهجري حبش بن عامر بن رفاعة بن الحارث بن بهثة بن سُليم.