يدل على أن هذه القبيلة تقبع في البادية ببلاد الحجاز مغمورة قليلة العدد ولم تبرز إلا بعد نهاية الدولة العباسية وبالتحديد فعاليتها وقوتها في الحجاز لم تبدأ إلَّا في القرن الثامن الهجري كما تقدم في بحث الأحيوي.
ونعود لإبراز النصوص التي تبطل قول الهمداني وتؤكد قوة بني سُليم، ففي عام ٣٥٤ هـ (منتصف القرن الرابع الهجري) ذكر أبو فرج الجوزي حادثة خطيرة لبني سُليم فقال (١):
ورد الخبر بأن بني سُليم فطعوا الطريق على قافلة المغرب ومصر والشام الحاجّة إلى مكة في سنة أربع وخمسين وثلاثمائة وكانت قافلة عظيمة وكان فيها من الحاج والتجار والمنتقلون من الشام إلى العراق هربًا من الروم ومن الأمتعة نحو عشرين ألف حمل، منها دق مصر ألف وخمسمائة حمل، ومن المغرب اثنا عشر ألف حمل، وأنه كان في أعداد الأمتعة من الأموال من العين والورق ما يكثر مقداره جدًّا، وكان لرجل يُعرف بالخواتمي قاضي طرسوس فيها مائة وعشرون ألف دينار عينًا، وأن بني سُليم أخذوا الجمال مع الأمتعة، وبقي الناس رحّالة منقطعًا بهم، وكما أصاب الناس في الهبير وهي سنة القرمطي، فمن الناس من عاد إلى مصر ومنهم من تلف وهم الأكثرون.
علَّق الأحيوي تعليقًا جميلًا وهو باحث أردني محايد فقال معقبًا على هذا النص لابن الجوزي:
هذا الخبر الذي أورده غير واحد من المؤرخين يدل على مدى جسامة بني سُليم ومدى خطورتهم على قوافل الحاج وغيرها، ومما يدل على ضخامة عددهم، فإن كان بنو سُليم وغيرهم على زعم الهمداني لا يسيرون بين المدينة ومكة إلا بخفارة بني حرب فأين كان بنو حرب آنذاك؟!