للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يضل حتى يضل النجم، ولا يعطش حتى يعطش البعير، ولا يهاب حتى يهاب السيل، وكان والله خير ما يكون حين لا تظن نفس بنفس خيرًا.

وفي سيرة ابن هشام ذكر عن عامر بن الطفيل (١):

وفد عامر بن الطفيل وأربد بن قيس في الرفادة عن بني عامر وكانوا رؤساء الوفد وكان ثالث الرؤساء جبار بن سلمى بن مالك بن جعفر، وكان هؤلاء الثلاثة رؤساء القوم وشياطينهم، قلت: وهم من بني كلاب.

فقدم عامر بن الطفيل على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يريد الغدر به، وقد قال له قومه: يا عامر، إن الناس قد أسلموا فأسلم، قال: والله لقد كنت آليتُ أن لا أنتهي حتى تتبع العرب عقبي، أفأنا أتبع عقب هذا الفتى من قريش؟!، ثم قال لأربد: إذا قدمنا على الرجل - يعني النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإني سأشغل عنك وجهه، فإذا فعلت ذلك فأعله بالسيف - أي اقتله -، فلما قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال عامر بن الطفيل: يا محمد خالني - أي اتخذني صاحبًا وخليلا -، قال له رسول الله: لا والله حتى تؤمن بالله وحده، فكرر قوله وقال يا محمد خالني، وجعل يكلمه وينتظر من أربد ما كان أمره به، فجعل أربد لا يحير شيئًا، قال: فلما رأى عامر ما يصنع أربد، قال يا محمد خالني، قال: لا حتى تؤمن بالله وحده لا شريك له، فلما أبي عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: أما والله لأملأنها عليك خيلًا ورجالًا، فلما ولى قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اللهم اكفني عامر بن الطفيل، فلما خرجوا من عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال عامر لأربد: ويلك يا أربد أين ما كنت أمرتك به؟ والله ما كان على ظهر الأرض رجل هو أخوف عندي على نفسي منك، وأيم الله لا أخافك


(١) ص ٤٢٧ الجزء الرابع - السيرة النبوية لابن هشام.

<<  <  ج: ص:  >  >>