للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعد اليوم أبدًا، قال: لا أبالك: لا تعجل عليّ، والله ما هممت بالذي أمرتني به من أمره إلا دخلت بيني وبين الرجل، حتى ما أرى غيرك، أفأضربك بالسيف؟!

وخرجوا راجعين إلى بلادهم، حتى إذا كانوا ببعض الطريق بعث الله على عامر بن الطفيل الطاعون في عنقه، فقتله الله في بيت امرأة من بني سلول (١) فجعل يقول: يا بني عامر، أغدة كغدة البكر (٢) في بيت امرأة من بني سلول!!

قال ابن هشام: ويقال أغدة كغدة الإبل، وموتًا في بيت سلولية.

قال ابن إسحاق: ثم خرج أصحابه حين واروه، حين قدموا أرض بني عامر شاتين، فلما قدموا أتاهم قومهم فقالوا: ما وراءك يا أربد؟

قال: لا شيء والله، لقد دعانا إلى عبادة شيء لوددت أنه عندي الآن، فأرميه بالنبل حتى أقتله - يقصد النبي - صلى الله عليه وسلم -، فخرج بعد مقالته بيوم أو يومين معه جمل له يتبعه، فأرسل الله تعالى عليه وعلى بعيره صاعقة، فأحرقتهما، وكان أربد بن قيس أخا لبيد بن ربيعة الكلابي لأمه (٣).

قال ابن هشام: وذكر زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن ابن عباس قال:

وأنزل الله عز وجل في عامر وأربد {اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ} إلى قوله تعالى {وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ} (٤).

قلت: وكان عامر بن الطفيل الكلابي العامري (من هوازن) أحد جبابرة عصره، ومما يؤثر عنه أن الأعشى الشاعر امتدح الأسود العنسي في اليمن فأعطاه جائزة من الحُلل والعنبر، فرجع وطريقه على بني عامر فخافهم على ما معه من


(١) بنو سلول قبيلة من بني عامر من هوازن سموا باسم أمهم وهي سلول.
(٢) الغدة: مرض يصيب الإبل تموت منه، والبكر الفتى من الإبل.
(٣) وقد رثاه بأشعار عديدة بعد موته - انظر سيرة ابن هشام ص ٤٢٨.
(٤) الرعد: آية ٨ - ١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>