ومن أطرف الوثائق المفرج عنها حديثًا وثيقة تتصل بمقتل والي الأحساء العثماني محمد أمين باشا الظلوم الغشوم المتجبر المتفنن في فرض الضرائب على القبائل والأفراد الذين ينضوون تحت لواءه، ضرائب عجيبة على اللباد والعباءات والصوف والجلود والسمن والعسل والفواكه والحبوب، وعلى الحطب والماعز والجاموس والكروم والطواحين والمنازل والسمك والأرز والدقيق، وإضافة إلى ذلك الخاص السلطاني والخاص والزعامت، وطامة الضرائب الكبرى ما يسمى "بادهوا" متفرقة يفرضها الوالي وفق مزاجه وهواه، أما الجرائم مثل السرقة والزنى والقتل في درجات ولكن عقوبتها الأفجات (دفع الرسوم)، وابتدع صاحبنا الوالي كمًا هائلًا من الضرائب شملت حتى الطريق غير المعبدة، وفي أتون هذا الجحيم، ثلاثة من فتيان قبيلة العوازم، آلمهم ما وقع فيه أبناء المنطقة من ظلم مجحف، عقدوا العزم على التخلص من شر هذا الجبار المتعنت، انقض شبان العوازم الثلاثة على الوالي حتى أجهزوا عليه (المكان عين النجم في الأحساء) وفي هدأة الليل والظلوم الغشوم بين رجاله، وقد اعتاد الجبار على الاستحمام في العين كلما حلا له ذلك حينئذ، ولم ينجح رجاله من تخليصه إلا بعد أن لفظ أنفاسه الأخيرة، ومن يريد التعرف على ما لحق بقبيلة العوازم بعد ذلك فليقرأ دفاتر الأمور المكتومة ففيها العجب العجاب، ولكن النتيجة النهائية عودة ولاة الأحساء للتفكير طويلًا قبل إرهاق النّاس بالضرائب في هذا العهد البائد.