ما لكم فيه حيلة) أي لا طاقة لكم بهم فالعدد كثير جدًّا. فصوب أحدهم ببندقية نحوه فمنعه العوازم (قائلين: إن عمك الشريف حرام عليه النار) فأوثقوه بالحبال وضربوه بحجر ضخم فاندق رأسه فمات. هكذا قال الرواة - وبعد وقت بدت طلائع الإبل يقودها راعيها الذي عهدته وهو ظاعن الجهني وغالبية القوم في المؤخرة ومنهم في الميمنة والميسرة.
يقول الراوي:
إن ظاعن كان نائمًا على راحلته فلما جاء وسط العوازم فزع من نومه يقول: النار النار، وكان العوازم قد فتحوا عليه النار بعد حلمه المزعج فخر صريعًا ودوى البارود من كل مكان ففزعت الإبل وارتدت إلى الوراء وفزع القوم في مؤخرة الإبل التي فاجأتها فرقعة البارود الذي لا يعرف مصدره: وكان العوازم يتصيدونهم واحدًا واحدًا، فاندفع القوم ليجتازوا المضيق إذ ليس للحي مفر من ذلك، فمات منهم من مات ونجا من نجا، ثم تبرز القوم بعيدًا ودوى البارود حتى دخل عليهم الليل. يقول الراوي: كان المغيرون قد تبرزوا في مكان بعيد تصله بندقيتان هما أم خور بندقية عودة بن رشدان الجابري والأخرى بندقية للخواورة يسمونها المروس، وكان معظم سلاح العوازم الفتيل وهو نوع من السلاح كان كثير الانتشار في أوساط البادية في القرنين الماضيين، وظل القوم يتراشقون بالبارود حتى أسدل عليهم الليل ستاره، وامتنعت الرؤية فركب العوازم وساروا خلف إبلهم التي ارتدت من صباح ذلك اليوم وقد لحق بها من يبلغها الأمان.
وحث العوازم المسير خلف إبلهم حتى لحقوا بهم وقد اقتربت من وادي أسيوط المنحدر نحو النيل غربًا تجاه (أسيوط) فسلكوه بدلا من وادي (قنا) ثم واصلوا سيرهم محاذاة للنيل حتى بلغوا (قاو) ليلًا وهي بلدة جنوب أسيوط لم