وكان فيما سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يدع لهم الطاغية، وهي اللات لا يهدمها ثلاث سنين، فأبى عليهم عليه الصلاة والسلام، إلا أن يبعث أبا سفيان بن حرب والمغيرة بن شعبة يهدمانها، وكان فيما سألوه مع ذلك أن يعفيهم من الصلاة؟ وأن لا يكسروا أوثانهم إلا بأيديهم، فقال عليه الصلاة والسلام: كسروا أوثانكم بأيديكم، وأما الصلاة فلا خير في دين لا صلاة فيه، فلما أسلموا وكتب لهم الكتاب، أقر عليهم عثمان بن أبي العاصي، وكان من أحدثهم سنًا، لكنه كان من أحرصهم على التفقه في الإسلام وتعلم القرآن، فرجعوا إلى بلادهم، ومعهم أبو سفيان بن حرب والمغيرة بن شعبة، لهدم الطاغية، فلما دخل المغيرة عليها علاها بضربها المعول، وخرج نساء ثقيف حسرًا يبكين عليها، وأخذ المغيرة بعد أن كسرها مالها وحليها.
ونرى بني ثقيف في سنة ٨٢ هـ يحاربون مع الحجاج بن يوسف الثقفي، عبد الرحمن بن محمد، وقد انهزمت عامة قريش.
عبادتهم: كانت قبيلة ثقيف تعبد بيتًا بالطائف يقال لها اللات، فكانوا يسترونها بالثياب، ويهدون لها الهدي، ويطوفون حولها، ويسمونها الربة، ويضاهون بها بيت الله الحرام بمكة، وكان سدنتها آل أبي العاص بن أبي يسار بن مالك الثقفي.
وفي هامش ص ١٤٩ ذكر كحالة نقلًا عن البكري في معجم ما استعجم قائلًا: إن ثقيف عرفوا فضل الطائف فقالوا لبني عامر من هوازن: إن هذه بلاد غرس وزرع، وقد رأيناكم اخترتم المراعي عليها فأضررتم بعمارتها واعتمالها، ونحن أبصر بعملها منكم، فهل لكم أن تجمعوا الزرع والضرع وتدفعوا بلادكم هذه إلينا، فنثيرها حرثًا ونغرسها أعنابًا وثمارًا وأشجارًا، ونكظمها كظائم، ونحفرها أطواء، ونملأها عمارة وجنانًا، فراغنا لها وإقبالنا عليها، وشغلكم عنها واختياركم