للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فخرج السواركة لملاقاته حتى صاروا على نحو نصف ساعة من الخورُّبة فما شعروا إلا وجيوش الترابين الثلاثة قد انقضت عليهم من اليمين والشمال والأمام فوقع فيهم الفشل، فأعمل الترابين فيهم السيف حتى أفنوا أغلب فرسانهم ولم يسلم منهم إلا طويل العمر، ففروا إلى العريش واحتموا بقلعتها وقليل ما هم. وكانت هذه الوقعة الدامية في صيف سنة ١٨٥٦ م، وقد سمي المكان الذي دارت فيه المعركة باسم (المكسر).

ولما كانت الدبرة على السواركة والرميلات فقد عاد الترابين إلى بلادهم بإبل وأغنام كثيرة من كلا القبيلتين، وبعد مدة طلب السواركة والرميلات الصلح مع الترابين فردّ أبو ستة قليدهم قائلًا: عليكم وجهي ترجعوا إلى بلادكم!

وهنا تظهر الشهامة العربية من أبي ستة قبل الحرب وبعد المعركة رغم النصر الباهر والظفر من أعدائه، ولكن هذا الرجل يتعامل مع خصومه كعرب مسلمين أولًا وأخيرًا، وإثر هذه البادرة الطيبة والنخوة من أبي ستة اجتمع كبار السواركة والرميلات في بيت سالم بن مصلح من قبيلة الحناجرة وعقدوا بينهم صلحًا على أن يعود كل فريق إلى بلاده ولا يطالب الرميلات أو السواركة بالقرارة، وبذلك بقيت القرارة التي هي أصل الحوب بيد الترابين، وقال شاعرهم:

حرب بنوه الرميلات … يا ويلهم من عِقَابه (١)

بطيخهم أكلوه الأحيوات … وحِنَّا نقشقش عَقَابه (٢)

ويعتبر هذا الصلح هو (صلح قلد) وكان قليد الترابين في هذا الصلح هو جمعه أبو ماسوح، وكان أبو عيطة قليد السواركة والرميلات قد قُتل في هذه الواقعة فسمى السواركة ابنه سالم البكر قليدًا عليهم، فكان قليدهم في الصلح مع الترابين وقد توفي بعد عامين وتولى زيتون عواد قليدًا ثم توفي هو الآخر عام ١٨٨٥ م.

"تجديد الصلح": اجتمع كبار السواركة والترابين في بيت الحاج حماد مصلح واختار السواركة صبح أبو عيطة المشهور قليدًا عنهم، وصبح هو شقيق


(١) عقابه بكسر العين، هي تعني الجزاء.
(٢) نقشقش عقابه أي نجمع بواقي الشيء وعقابه بفتح العين أي باقيه القليل.

<<  <  ج: ص:  >  >>