للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونعود إلى هذا الحي من قيس عيلان وهو هُتَيم الذي ناله ما ناله من الخسف وقد انفصم مبكرًا عن قبيلة بني كلاب (١) العامرية الهوازنية، تلك القبيلة التي كانت هولًا من الأهوال، وتذكر لنا المصادر التاريخية أنها من أفرس قبائل العرب، وأنجبت الكثير من صناديد الفرسان وخبراء الحرب في بني عامر، منذ عهد الجاهلية وحتى صدر الإسلام، وبلغ بها من العز والسؤدد أن ملكت بلاد اليمامة بوسط نجد، وأقامت دولة هناك، وأنشأت أيضًا دولة أخرى في بلاد حلب بسوريا من بلاد الشام - في عهد الدولة العباسية -.

وتاريخ كلاب وعموم قبائل بنو عامر بن صعصعة حافل ومجيد - لو عددناه - من مُلك بنو عُقَيْل في الإحساء - بلاد البحرين قديمًا - ومُلك خفاجة في العراق وكذلك المنتفتي، إلى تاريخ عرب الهلالية ومن تبعهم من بني عامر أو هوازن، لا يتسع المقام هنا لتعداده والتفصيل عنه؛ لأن الغرض هو إلقاء الضوء على بني هُتيم، وما جرى لهم من أحداث جسيمة، تختلف في مأساويتها عن مأساة قبائل قيس؛ والتي أصابها الشتات والشقاء في مهدها بجزيرة العرب، وانتقل بعضها إلى أطراف العراق والشام، وأغلبها نزح إلي الديار المصرية إلى شمال إفريقيا - بلاد المغرب العربي - كما تقدم.

وإن ما حدث لعرب هُتيم من قبَل حاكم عسير، ومن ثم جعلهم كبش الفداء، حيث مَثَل بهم أشنع تمثيل لم يسبقه إلَيه أحد من أمراء أو حكام الحرب والمسلمين، فقد خُيِّل إليه إنه قد شفى الغليل في صدر الخليفة العباسي القابع في بغداد، والذي كان موغرًا على بقية قبائل قيس التي لم تنزح عن خلافته، ولم تحذو حذو من نزح إلى مصر في سلطة الخلافة الفاطمية المنافسة له (٢)، وأصبح ما فعله هذا الأمير الظالم عِبرة لجميع


(١) وقد روى أن الإمام علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال لأخيه عَقِيل وكان نسابة: انظر إلى امرأة قد ولدتها الفحولة عن العرب لأتزوجها، فقال له: تزوج أم البنين بنت حزام الكلابية، فإنه ليس في العرب أشجع عن آبائها، فتزوجها علي وعقب منها أربعة هم العباس وجعفر وعثمان وعبد الله قتلوا جميعًا مع الحسين - رضي الله عنه - في كربلاء.
وانظر عن بني كلاب في الجمهرة لابن حزم، ونهاية الأرب للقلقشندي، وفي عشائر الشام لوصفي زكريا. وانظر عن هذه القبيلة في المجلد الخامس ط ٢٠٠١ م من موسوعة القبائل العربية - قبيلة العوازم الكلابية عن هوازن - ولصاحب الموسوعة أيضًا قصة من التراث "بطولات الأميرة ذات الهمَّة الكلابية"، والناشر دار الفكر لعربي - القاهرة، وتطلب من دار الكتاب الحديث بدولة الكويت.
(٢) وكانت أيضًا هناك خلافة أخرى منافسة للخلافة العباسية في الأندلس وهي خلافة بقية الأمويين، وقد أسسها عبد الرحمن الداخل المُلقَّب بصقر قريش.

<<  <  ج: ص:  >  >>