للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شر هزيمة، وقُضي على هذه الفتن العظيمة … وهنا لم يُشنِّع الخليفة أبو بكر - رضي الله عنه - بأي قبيلة أو عشيرة من هؤلاء المرتدين، رغم هذا الذنب العظيم الذي اُقترف من قبل هذه القبائل من حيث دخولها في مرحلة الكفر بدين الإسلام، وقد عفا عنها الصدِّيق بعد أن عادت لحظيرة الإيمان، حتى ذاك المتنبي طليحة الأسدي الذي نجا من الموت في عهده، وقد عاد إلى الفاروق عمر - رضي الله عنه - تائبًا، فلم ينله غير التأنيب (١) في قتل الصحابي الجليل عكاشة بن محصن - رضي الله عنه - أثناء حروب الرِّدة على قبيلتي أسد وغَطَفَان.

ثم تأتي الفتن على العرب المسلمين مرة أخرى كقطع الليل في مقتل الخليفة عثمان ابن عفان - رضي الله عنه - من قبل المتآمرين بقيادة قبيلة بني تُجيب الكندية في مصر .. وهنا أيضًا بعد ثبوت هذه الجريمة الشنعاء على هذه القبيلة القحطانية، ورغم ذلك لم يُشنَّع بها مثل هُتيم؟ والذنب أفظع في قتل خليفة المسلمين الراشد عثمان ذي النورين، وما أدراك ما عثمان الذي تستحي منه الملائكة، واحد العشرة المُبَشَّرين بالجنة.

ثم كم وكم من الأحداث الجسام بين قبائل العرب في عهد الإسلام، وما وقع من فتن عظيمة بين الإمام علي بن أبي طالب - كرم الله وجهه، ومن معه من قبائل العرب وهو إذ ذاك خليفة للمسلمين، وبين معاوية بن أبي سفيان المعارض له المدَّعي بحقه في الخلافة وريثًا لعثمان بن عفان الأموي ومناديًا بثأره.

وقد نشب أولًا القتال بين الإمام علي وبين قوات طلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوام، وسرعان ما هُزمت من الإمام علي، وقد قُتل طلحة من جراء هذا القتال. أما المعارك بين الإمام علي وبين معاوية فكانت سِجال نظرًا لجيوش الشام التي كانت تحت إمرة معاوية وقتئذ، وقد انتهت الفتن بانتهاء هَذه الأحداث الرهيبة بمقتل الإمام علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - في العراق من قبل الخوارج، وقد نجا معاوية وعمرو بن العاص من القتل .. وهنا أيضًا لم يُشنَّع بهذه الفئة من العرب مثل ما صار لهُتيم، رغم الجُرم العظيم والرهيب من قتل خليفة المسلمين الراشد وصهر النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم - وابن عمه الذي نام في فراشه ليلة الهجرة مُعرِّضًا نفسه للخطر الداهم الذي يتربَّص بالنبي من كفار قريش .. علي الذي قال فيه النبي - صلى الله عليه وسلم -. "أنا مدينة العلم وعلي بن أبي طالب بابها" وقيل أيضًا فيه: لا فتى إلا علي ولا سيف إلا ذو الفقار (سيف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -).


(١) قال له عمر - رضي الله عنه: أقتلت الرجل الصالح عكاشة بن محصن؟
وعكاشة بن محصن من بني أسد أيضًا وكان حليفًا لقريش.

<<  <  ج: ص:  >  >>