ثم يأتي العصر الأموي وما جرى فيه من مذابح عظيمة وسفك دماء غزيرة للمسلمين في بيت الله الحرام، ورمي الكعبة بالمنجنيق والنيران، وقتل عبد الله بن الزبير ابن العوام .... إلخ من الجرائم التي يندى لها الجبين من قبل العرب المسلمين، من هتك أعراض مئات الفتيات الأبكار في المدينة النبوية من قبل عساكر الأمويين، إلى قتل آلاف البشر من أمة العرب المسلمين على يد سفاحيهم في الحجاز والعراق مثل الحجاج الثقفي، وكانت أعظم جرائم الأمويين هي قتل الإمام الحسين - رضي الله عنه - مع ستين من آل البيت (من بني عبد المطلب)، وخدش حياء نساء بيت النبوة وإهانتهن على أيدي بعض الأفراد من عدة قبائل، قد انجرفوا وراء اليزيد بن معاوية كي يُثبِّتوه في الخلافة، وقد نجحوا والثمن هو سفك دماء آل البيت على رأسهم سيد الشهداء الإمام الحسين - رضي الله عنه - في كربلاء بأرض العراق .. وهنا لم يُشنِّع العرب بأي شخص أو عشيرة أو قبيلة شاركت في هذه المأساة المروِّعة المخزية والرهيبة والتي غضب لها عرش الرحمن. حقًّا وصدقًا فقد كان هؤلاء أولى بالتشنيع والمقاطعة من المجتمع العربي والإسلامي، وأين لفعال بني هُتيم وغزوهم لعسير من جريمة هؤلاء الطغاة الذين أسقطوا الشفاعة عن أنفسهم من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الحشر، وكيف أن تكون لهم شفاعة من نبيهم أو رحمة من مولاهم عز وجل، وقد آذوا نبيهم في أهل بيته وذريته الطاهرة، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
وبعد سرد هذا المختصر من أحداث العرب في عهد الإسلام، وما كان فيها من فتن
وآثام قبل عهد القرامطة أو بالتحديد قبل ما وقع لهُتيم، أكرر ثانية وأقول: إذن بكل
تأكيد نعم فهذا الحكم الجائر على هذه القبيلة الهوازنية العريقة، وأصلها من خيرة مُضَر،
ومن أعظم قبائل العدنانية لا ريب في ذلك، ورغم شرف نسب عرب هُتيم وحسبهم بين العرب، إلا أن حُكم أمير عسير المذكور قد سبب لهم الازدراء من عموم قبائل العرب، فضَعُف حالهم وتفرقوا في الجزيرة العربية وخارجها، واختلطوا ببعض القبائل أو دخل بعضهم فيها وحسبوا منها بمرور الزمن. وأهم نتائج هذه الوقعة المؤلمة والظالمة علي بني هُتيم، أن امتنعت قبائل العرب عن مصاهرة هذا الحي، وقد فُرضت عليهم مقاطعة قاسية لا يرضاها الله سبحانه وتعالى على أي مسلم يقول: لا إله إلا الله، ولم يأمر بها المصطفى - صلى الله عليه وسلم - كما يتوهَّم البعض؛ لأن بني هُتيم هؤلاء في زمن النبي كانوا مجرد عشيرة صغيرة من عمرو بن كلاب من بني عامر بن صعصعة (هوازن)، ولم يُذكر في التاريخ النبوي لابن هشام المعافري اليماني أو لابن إسحاق شيئًا يمس بني هُتيم من