للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وألفت النظر هنا إلى نقطة هامة، وهي أن أهم شيء حينذاك قد ثبَّت هذه المقاطعة على قبيلة هُتيم أو نبذها في أوساط المجتمع القبائلي، هو وقوعهم في مأزق التمثيل والتشنيع فترة من الزمن، من لبس ملابس سوداء وركوب الحمير بدلًا من الإبل والخيول، فأصبحت هذه العقوبة العجيبة والفريدة حُجَّة عليهم من الناس في وقتها، واستمرت عبر الأجيال العربية متناقلة على علَّاتها، بل وقد صارت مع الوقت وبمضي الزمن هذه الكلمة أو هذا الاسم (هُتيم) يرمز إلى سُبَّة في الأصل ووضاعة في النسب. وهذا خطأ فادح وظلم كبير على هذا الحي من العرب، وخاصة على تلك الأجيال التي تناسلت من ذرية هُتيم بن عوف ولا ذنب لهم ولا جُرم، فإنما هي أُمة قد خَلَت، وكما أخبرنا دستورنا السماوي (القرآن الكريم): "أنه لا تزر وازوة وزر أخرى"؛ إذن فما ذنب الأجيال المؤمنة من بني هُتيم فيما اقترفه أجدادهم منذ ألف عام؟


= كما ذكر الباحث السعودي المعاصر أبو عبد الرحمن الظاهري في كتاب أنساب الأسر الحاكمة في الإحساء (ص ١٧٣) بقاء حكم القرامطة في بلاد البحرين والقطيف حتى عام ٤٦٧ هـ قائلًا تحت عنوان "علاقة بني عامر بالعيونيين": قال الدكتور الحميدان: (لقد تلا الأحداث التي أشرنا إليها سابقًا والتي هي مؤشر على ضعف وتداعي قوة القرامطة قام عبد الله بن علي العيوني الذي ينتمي إلى عبد القيس بمحاولته الناجحة في إنهاء حكم القرامطة من بلاد البحرين مستعينًا بسلطان السلاجقة أبي الفتح ملك شاه الذي أرسل له قوة كبيرة بقيادة أرتق بك، فتم له انتزاع القطيف أولًا من ابن عياش عام ٤٦٧ هـ / ١٠٧٧ م وأقام حكومة فيها تدين بالتبعية للخلافة العباسية في بغداد. (انتهى قول الدكتور الحميدان)، وأضاف الظاهري نقلًا عن التحفة النبهانية ٩٦ - ٩٨، وتحفة المستفيد ١/ ٩٨ - ١٠٠: ومما هو جدير بالملاحظة أن بني عامر وقفوا إلى جانب القرامطة في محنتهم هذه فقاتلوا جنود العباسيين، كما قاتلوا جنود عبد الله بن علي العيوني، وقام سلطة العيوني الجديدة في بلاد البحرين لم تمنع بني عامر من محاولة فرض نفوذهم عليهم ومطالبتهم بأن يدفعوا لهم العوائد والجرايات مثلما كان يدفع لهم القرامطة مقابل الحماية أو الخفارة للقوافل التجارية. (انتهى).
وفي تاريخ ابن لعبون أيضًا ذكر بقاء حكم القرامطة حتى عام ٤٧٠ هـ في بلاد البحرين (الإحساء والقطيف) إذ قال. "ولم يزل ملكهم - أي القرامطة - حتى قام لحربهم عبد الله بن علي بن محمد بن إبراهيم العيوني العبقيسي جد الأمراء العيونيين، فقام بأربعمائة رجل على القرامطة ومن معهم من الأزد واليمن وعامر بن صعصعة خفرة البحرين والقطيف فحاربهم سبع سنين حتى انتزع المُلك منهم ومن اليمن وعامر، واستأصل عامرًا وغنم أموالهم وذراريهم ولم ينج في رجالهم إلا رئيسهم أحمد بن مسعر وأبو فراس بن الشباش، وبعد ذلك من على الحريم والذراري وسيِّرهم إلى عُمان، وكان القرامطة يومئذ في ثمانين أميرًا، وكان ذكور خيل بني عامر ومن معهم من قيس عيلان تبلغ ألفًا وإناثها أكثر.
وأضاف: وكان مُلك عبد الله بن علي للإحساء عام ٧٤٠ هـ. (انتهى).
قلت: وهذه السنة هي التي قطع الله فيها دابر القرامطة وقد انتهى أمرهم، ولا يعني ذلك انتهاء نفوذ بني عامر بن صعصعة في شرق الجزيرة العربية الذين أصجوا سادة البادية بعد عام ٤٨٣ هـ كما أكده المؤرخون مثل ابن الأثير والشريف الإدريسي وابن خلدون، وهي القبائل التي لم تنزح مع بني هلال وهوازن إلى مصر وبلاد المغرب.

<<  <  ج: ص:  >  >>