للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جبار حرَّم على نفسه الظلم، حيث قال ما معناه في حديث قدسي، قال تعالى: "وعزتي وجلالي لقد حرَّمتُ الظلم على نفسي، لأسألن الحجر لما خدش الحجر"!

فيا ويلتاه من غضب الله .. كيف بنا نحن وإلى أين نذهب بأعمالنا؟ والقوي المتين سيجمع الأولين والآخرين من الثَقَلين (الإنس والجن)، حتى الحيوانات والحشرات والنبات والجماد، ليقضي فيهم بالعدل ثم يقول لهم سبحانه: كونوا ترابًا، ليبقى الإنس والجان أمام الملك الديَّان، فإما إلى جنة رضوان في النعيم المقيم، وإما إلى الجحيم، نعوذ بالله وسائر المؤمنين منها - إن شاء الله تعالى - ونستشفع برسولنا الأمين محمد - صلى الله عليه وسلم -.

ونعود إلى الجاسر حيث قال:

كانت الأدواء - ولازالت - تنخر في كيان الأمة حتى كادت تُمزِّق أقوى وشائج القربى بين فروعها، وتسبب التباعد بين تلك الفروع، بإيجاد مختلف وسائل التنفير بينها، واختلاق الصفات التي تُحدث التنافر والكراهية، حتى أوشكت أن تفصل قبائل كانت من الشهرة والبروز معدودة في القمة، ومشهودًا لها كغيرها من القبائل الأخرى - بسمات المجد والشرف، والتحلي بجليل الخلال، فتبعدها عن منبتها الأصيل في عنصر تلك الأمة الكريمة، بما تُلصق بها من أوصاف سيئة، وبما تنعتها به من نعوت السوء والفساد، ظلمًا وعدوانًا - في أول الأمر - ثم تقليدًا أعمى وسيرًا على طريقة {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ} (١) فكان نصيب تلك القبيلة من ذلك - يقصد باهلة وبالطبع مثلها هُتيم - وأضاف: لعلَّ من أهم ما ينبغي أن يتوخاه الباحث في أي علم من العلوم إدراك حقائق وأهمها: الغاية من ذلك العلم، وعلى أي أساس من أسس المعرفة قام، وما هو أثره في حياة الجتمع؟

والنظرة الصحيحة إلى علم النسب توضح أن الغاية منه البحث عن الروابط القوية بين الشعوب والأسر، وذوي القرابة، لينشأ التعارف الموجب للتواصل والتقارب اللذين بهما تقوم حياة المجتمع على أسس قوية من المحبة والأخوة كما في الآية الكريمة:

{وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا} (٢).


(١) آية ٢٣ من سورة الزخرف.
(٢) الآية ١٣ من سورة الحجرات.

<<  <  ج: ص:  >  >>