يؤلف من عرب الحناجرة مديرية أقام عليها (أبا حجاج) من الحناجرة مديرًا. ولما كان هؤلاء في ذلك الحين أفرادًا قلائل ضم إليهم النصيرات ليكونوا كثرة تبرر خلق هذه التشكيلات. وهم بالرغم من هذا الضم ما برحوا يعتقدون أنهم أشرف من الحناجرة وأرفع؛ حتى أنهم ليرفضون تزويج بناتهم إلى أحد من الحناجرة إلا إذا كان هذا من النباهين، أو المناديل، أو الصواوين.
يعتقد النصيرات أنهم من الأوس والخزرج، وأنهم كانوا ثلاثة إخوة: نصير، ويس، وناصر؛ جاءوا من مكة إلى ضانا بالكرك. ويروون أن أحد أهالي ضانا وضع في أكلهم رمادًا عندما كانت أختهم تحمل طعامهم إلى المزرعة، فغضبوا لهذا العمل وقاموا على الرجل الذي ألقى الرماد في طعامهم، فذبحوه. ولما كان هذا ابن شيخ البلد خافوا بطش أبيه وتومه، فرحلوا، ونزلوا (كفر قدوم) في جبل نابلس. وكان كبير البلد رجل يدعى (شتيوي) فاختصموا معه، وذبحوا قومه، ثم تشتتوا؛ فنزل ناصر في عتيل، ورحل نصير إلى عين الدقيق وهي البلد المسماة بدير البلح في الوقت الحاضر، وبقي يس في كفر قدوم. وما النصيرات إلا ذرية نصير الذي استوطن عين الدقيق هذه. إن جد النصيرات مدفون في الجهة الشمالية - الشرقية من (دير البلح) وهم يحجون إليه في كل عام.
ولقد عثرت بين أسماء العشائر التي تنتمي إلى (حويطات التهامة) على عشيرة تسمى (القرعان) ومن بين الحمائل التي تتفرع عن هذه العشيرة واحدة تسمى (النصيرات) وموردها (وادي المره)، مع أن القرعان في يومنا هذا فئة صغيرة تابعة إلى النصيرات، حتى إنهم يحسبونهم مصريين توطنوا هذه البلاد مع الزمن، وهم لا يعتبرونهم إلا قليلا.
وما دمنا في صدد البحث عن الحناجرة لابد لنا أن نلقي نظرة على تاريخ حياة كبيرهم (الشيخ فريح أبي مدين) ذلك البدوي البسيط والعصامي الأمي الذي