ومكانه مرهوبة مادامت متواجدة في منطقتها ومتماسكة خلف زعامتها القَبَليَّة ومعظم الدول أقرت الوضع القَبَلي والسيادة القَبَليَّة لزعيم القبيلة وذلك الإقرار يتوقف على قوة وضعف الدولة صاحبة السيادة والسلطة، ولنا في وضع قبائل الجزيرة العربية أبلغ الأدلة قبل أن يوحدها الملك عبد العزيز - رحمه الله - ويبسطُ نفوذه عليها بالعدل والقوة والحكمة والبذل.
وبالعودة إلى طيئ وهجرتها تقول الدكتورة وفاء السنديوني (١): (يبدو أن هجرة القبيلة لَمْ تتم دفعة واحدة فقد سبقت منها بطون للشام وللجبلين لتأنس الرشد والمكان ثم كانت الرحى الكبير في هجرة طيئ بقيادة أسامة وخلَّفت طيئ بطونا منها في اليمن بعد هجرتها وربما كانوا قلة فدخلوا في مراد وهم حسن وحسين وغيَّث وبدين يلتمسون القوة بهذه الدخالة، وربما كانوا على خلاف مع أبناء عمومتهم المهاجرين لقول طيئ: قد سأمنا الضيم بنو أبينا).
ولما كانت معظم الروايات التي تطرقت إلى الهجرة وأسبابها لَمْ تعط سيبا محددا وقطعيا فإن الأغلب يرجح أن زمان الهجرة بعد سيل العرم الذي ترك أثرًا على الرفاه والحياة في ربوع اليمن مما نتج عنه هجرات كثيرة لأبناء سبأ الأزد وطيئ وقد يكون هناك بعض المشاحنات والخلافات بين القبائل بالرغم من الرحم والقربى، فالخلافات تحدث بين القبائل في سنوات الجفاف والجدب، وهذا أمر معروف ومألوف وشواهده كثيرة في حروب القبائل وصراعها على المراعي وموارد المياه.
وقد أورد الكلبي وسواه من الرواة قصة أقرب منها للأسطورة حول هجرة بنو طيئ حيث قال: (لما تفرق بنو سبأ أيام سيل العرم ساروا إلى تهامة أو كانوا فيما بينها وبين اليمن ثم وقع بين طيئ وعمومته ملاحاة ففارقهم وسار نحو الحجاز بأهله وماله يتبع مواقع المطر، وكان له بعير يشرد في كل سنة عن إبله