وها هو عروة بن زيد الخيل يقول بعدما أبلت طيئ يوم القادسية بلاء مشهودا في جيش الإسلام:
برزت لأهل القادسية معلما … وما كل من يغشى الكريهة يُعلمُ
ويوما بأكناف النخيلة قبلها … شهدت فلم أطرح أدمي وأكْلُم
وأقعصت منهم فارسًا بعد فارس … وما كل من يلقي الفوارس يسلمُ
ونراه أيضًا بعد معركة نهاوند الذي كان له شرف القيادة فيها يقول:
ألا طرقتْ رحلي وقد نام صُحبتي … بايوان سيرين المزخرف خلت
ولو شهدت يوميْ جولاء حربنا … ويوم نهاوند المهول استهَلَّت
إذ لرأت ضرب امرئ غير حامل … مجيد بطعن الرمح أروعُ مصلت
ولما دَعَوا أبا عروة بن مُهلْهَل … ضربت جموع الفُرس حتى تولَّت
وكانت قبيلة طيئ قد أنجبت عددًا من الشعراء الذين ظلت أشعارهم تردد عبر الأزمنة والعصور وتزخر بها كتب السير والأدب، وقد عكست أشعارهم جانبًا من جهادهم ومواقفهم، وهذا صفي الدين الحلبي الطائي يقول في قصيدة خالدة تقول أبياتها:
سل الرماح العوالي عن معالينا … واستشهد البيض هل خاب الرجا فينا
وسائل العرب والأتراك ما فعلت … في أرض قبر عبيد الله أيدينا
لقد مضينا فلم تضعف عزائمنا … عما نروم ولا خابت مساعينا
بيوم وقعه زوراء العراق وقد … دنا الأعادي بما كانوا يدينونا
بضمَّر ما ربطناها مسوَّمة … ألا لنغزو بها من بات يغزونا
وفتية إن نقُل القوا مسامعهم … لقلنا أو دعوناهُم أجَابُونا
قوم إذا خاصموا كانوا فراعنة … يومًا وأن حكموا كانوا موازينا
تدرعوا العقل جلبابا فإن حميت … نارُ الوغي خلْتَهُم فيها مجانينا
إن الزرازير لما قام قائمها … توهمت أنَّها صارت شواهينا
أخلوا المساجد من أشياخنا وبغوا … حتى حملنا فأخلينا الدواوينا
ثم انثينا وقد ظلّت صوارمنا … تسمو عجابا وتهتز القنالينا