ردحًا من الزمن تتقاذفها التيارات المتصارعة في المنطقة من قرامطة وفاطميين وسواهم، حيث كانت القبائل العربية في المنطقة عاملًا مؤثرًا لتحقيق تطلعات القوى في صراعها على السلطة.
وهكذا نرى أن القبائل العربية التي استوطنت الشام والعراق ظلت تسهم في الحياة السياسية وتبرز كقوى فاعلة مؤثرة وفقا لقوتها وارتباطها وولائها للسلطات الكبيرة ذات النفوذ القوي، ومن أمثلة ذلك آل ربيعَةَ الطائيين الذين لعبوا دورا هاما في ترجيح الصراع بين مصر والشام، وقد استمرت إمارتهم حتى دب فيها الوهن والضعف في أواخر القرن الحادي عشر الهجري.
وقيل أن نهاية إمارة آل ربيعَةَ الطائيين بعد المعركة التي حدثت بين (آل مرا) الطائيين وبين ربيد تلك الواقعة التي عرفت حينذاك في العراق بذبحة آل مرا حيث بيت الزبيديون قبيلة طيئ المرا وأعملت فيها السيف فقتل عدد كبير ومن نجا بعد تلك المعركة ترك دياره وتوجهوا إلى الخابور والجزيرة الفراتية وتشتتوا بصحراء الخالص ومنهم من استقر في الزاب، وقد لقب الباقون منهم ب (البيات) أحدهم بياتي، وقد ذكرهم العزاوي في تاريخ العراق ج ٣ ص ٣٦٨ بقوله:"إن البيات من طيئ ونخوتهم أخوة شاطرة وأن أصلهم من آل مرا، مالوا إلى العراق من وقعة آل مرا، ولهؤلاء تنسب الوقعة المعروفة (ذبحة آل مرا) وهم فرقة من طيئ"(انتهى كلام العزاوي).
هذا ما كان من أمر الطائيين الذين نزحوا من الجبلين إلى العراق والشام وفلسطين ومصر فماذا عن الذين ظلوا في موطنهم الجبلين ومنطقة حائل كلها؟
للإجابة على هذا السؤال يجدر بنا أن نذكر حقيقة هامة هي أن الفترة التي كان الصراع بها على أشده في أجزاء الدولة العباسية منذ منتصف القرن الثالث الهجري وما صاحب ذلك من ظهور الفرق الدينية وتدخل الوزراء وأصحاب المطاح في شئون الخلافة، وازدياد الفتن والانقسامات والقلاقل التي كانت تغذيها المطامع والتشيع وغير ذلك من الأمور التي استهدفت الخلافة وأصابتها بالضعف والوهن بحيث لَمْ يبق لها سوى الذكر فقط، أما النفوذ والصولة فهي لتلك القوى التي سادت في النواحي والأقاليم؛ ولهذا فقد شغل المؤرخون لتلك الأحداث ولم يكن للصحراء العربية نصيب من التدوين والأخبار بالقدر الذي