للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال عدي بن حاتم: آراني لواقف يوم اليحاميم والناس يقتتلون إذ نظرت إلى زيد الخيل قد أوخر ابنيه مكّنفا وحريثا في شعب لا منفذ له وهو يقول: أي بني، أبقيا على قومكما، فإن اليوم يوم التفاني، فإن يكن هؤلاء أعماما فهؤلاء أخوال، فقلت: فإنك قد كرهت قتال أخوالك، فاحمرت عيناه غضبا، وتطاول إليّ حتى نظرت إلى ما تحته من سرجه فخفته، فضربت فرسي، وتنحيت عنه، واشتغل بنظره إليَّ عن ابنيه، فخرجا كالصقرين ثم انهزمت جديلة عند ذلك، وقتل فيها قتل ذريع (١).

ثم ما لبثت شمَّر مع قبيلتها طيئ أن مشت في موكب الإيمان لتأخذ دورها المجيد في تثبيت دولة الإسلام ونشر دعوته في الأرض، وتحطيم كل الطواغيت لأن الشرك كان هو دين العرب العام في الجاهلية، فهم يؤمنون بوجود الله الخالق لهذا الكون، ويشركون به في العبادة، فيعبدون آلهة أخرى، ويقدمون لها شعائر التعبد، ويتوجهون لها بالدعاء، ويجعلونها واسطة بينهم وبين الله قال تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [لقمان: ٢٥].

فهم قد أشركوا بالطاعة والاتباع وبالتقرب والزلفى: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر: ٣].

كما أشركوا بطلب الشفاعة: قال تعالى: {هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} [يونس: ١٨].

لقد كان في قبيلة طيئ تعدد في الأديان والآلهة؛ إذ نجد فيها عبادة الكواكب كما نجد فيها نصرانية تائهة، ووثنية شوهاء، والمتتبع للأخبار المتناثرة في كتب التاريخ والأدب عن قبيلة طيئ يجد أنها كانت تعبد الأصنام ومنها:

١ - الفلس: لونه أسود كأنه تمثال إنسان، ومكانه وسط جبل (أجأ) وكانوا يعبدونه، ويهدون إليه، ولا يأتيه خائف إلا أمن عنده، ولا يطرد أحد طريده فيلجأ بها إليها إلا تركت له ولم تخفر حويته (٢) وكان سدنته بنو بولان.


(١) انظر كتاب عدى بن حاتم الطائي -محيى الدين مستور ص ٢٧.
(٢) كتاب الأصنام لابن الكلبي - ص ٥٩ - ٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>