للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يحضر فلن نتناول الطعام وسنعتبر كأن شيئا لم يكن بيننا، عندئذ دخل حطاب على غالب وأحضره على كُرهٍ منه، فلما دخل حطاب وولده غالب أمر عبيد رجاله بإلقاء القبض عليهما ووَضع الحديد بأرجلهم وأيديهم ونفذ فيهم ما كان خططه ضدهم من حيلة ناجحة، كما أمر رجاله بقطع أشجار النخيل وقضى القصر، وحمل الأب وابنه في محمل واحد على حجل وكذلك تم حمل النساء والأطفال على محامل أخرى، وهناك في حائل زُجَّا في السجن سموية، وقد أشرف عبيد بنفسه على دخولهما السجن ويقال: إنه شتم حطابا مما أثار حفيظة غالب ذلك الشاب الجريء الذي لا يهاب الموت فرد على عبيد ردا قاسيا وشتمه شتما لاذعا حين قال:

عن شتمتك حطاب ملعون أبوك أنت … ملعون ابوك وخيرة العمر فاني

ألفين لعنة يامن بالعهد خنت … ياالضبع الاسود ياغراب السواني

فقال له عبيد: إنني أعرف يا غالب بأنك زاهد في حياتك، وتريد أن تموت لكنني لن أقتلك وسأدعك تموت في سجنك هذا قهرا.

وفي السجن قام غالب بلوم أبيه مبينا له صحة موقفه مع عبيد وخاطبه بهذه الأبيات:

ياونتي ونّة مْعِيد ضعيفه … على اديارٍ خابرينه ورانا

من قبل مَاحنّا ذراها وريفه … اليوم صارت تحت وطْية اعدانا

اشوُف ثمر الكَسَب عندي طريفه … من قبل ما نأكل امْذَنَب احْلانا

وانا اشْهد أن عبيد جانا بْحيفه … وانا اشْهد أنّه سُلطة من سمانا

ولو البكا ينفع بكينا المنيفه … الغَرسْة اللي فرَّعُوا به اعدانا

ماطعت شوُري يوم انا بالسّقيفه … أنت تقول اهْنا وأنا اقول هَانا

واليُوم يا حطَّاب مابه حَسِيفه … هذا جزى ما تستحمه لحانا

لم ييأس غالب من الوضع الذي هو فيه بل ظل يراوده الأمل في أن يقوم بعمل ما في سبيل خروجه من السجن هو وأبوه، فبدأ على الفور بتنفيذ خطة هروب محكمة من السجن وذلك عن طريق بعض العظام التي كانت تأتيه عن طريق الطعام وهي عظام ضلع إبل، ثم بدأ بنقب حائط السجن المصنوع من الطوب والتراب بعد أن يرشه بالماء لتبليله وتليينه ثم بدأ يحاول تحرير رجليه من

<<  <  ج: ص:  >  >>