للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن عبدوان، رفض أن يتناول طعام ابن رشيد حتى يتعهد بتلبية طلبه، فوافق ابن

رشيد، فحدثه بموضوع غالب وموضوع عدوته إلى الجوف (١)، وأن غالبا أصبح

في وجه ابن عبدوان فوافق عبيد على عودته وعودة ذراريه معه على أن لا يطالب بأي حق له في دومة الجندل وإنما يلتزم بيته، وهذا شرط أكد عليه ابن رشيد ووافق ابن عبدوان وغالب عليه، عندئذ كتب ابن رشيد إلى عامله ويسمى "المنصوب" على استقبال غالب وأهله، وتم ذلك وأقام لابن عبدوان حفل تكريم ثم ودعه ابن عبدوان بعد أن قام بواجبه تجاه غالب، وعاش غالب في ديرته والحسرة تلف قلبه على والده والأيام الخوالي التي كان يعيشها في ديرته .. إلا أن عبيدا أتى له أن يهنأ له بال، وغالب هناك في الجوف ينغص عليه مطامعه، فلم يترك غالبا وشأنه بل ما لبث يحيك له المؤامرة تلو الأخرى للتخلص منه نهائيا، وحصل ما كان متوقعا؛ إذ أوعز إلى المنصوب أن يكلف بعضا من رجاله لتعسيف النخل وطلب منهم أن يأمروا غالبا بالعمل معهم على التعسيف وإن لم يرض بذلك عليهم أن يجبروه غصبا، فلما قدموا عليه وطلبوا منه ذلك استشاط غضبا واستل سيفه ليقتلهم جميعا وكانت هذه بداية الشرارة الثانية، والتي ستكون نهايتها هي نهاية غالب على يد ابن الرشيد، لقد عرف غالب المصير الذي ينتظره منذ ومن بعيد فخرج من الجوف قاصدا الشيخ فيصل الشعلان الذي كان في القريات حاكما عليها ومستقلا فيها، فأزبن غالب عليه فاستقبله ابن شعلان وأكرمه غاية الإكرام إلا أن غالبا الشاعر والذي عجمته الأيام ما لبث أن أنشد هذه القصيدة والألم يعتصر قلبه متوجدا ومتأسفا على الحالة التي وصل إليها:

يا الله يا اللّي فُوقنا معتلينا … حِنّا ومنْ يرجي ثُوابك احْذانا

حنا بليّا فزعتك ماسُوينا … وَحنا بليَّا فزعتك من عنانا

من قبل ما نادى الخلايق ودينا … واليوم لو يأتي سفيه ودانا

من بعد ماحنا بعزٍ هضينا … تفتَّحت بيبانها لقبلانا

ياالبيض عدَّن ملا تمكن علينا … عدِّنْ ملا تمكن وخُوذن لحانا

حطَّن خلَاخيل الذهب بيدينا … وَتقلّدن بسيُوفنا يانِسانا

لاصار من زمل المحامل نشينا … حنا علينا حسردهم وش بلانا

دابان (٢) ماهو باطل باليمينا … دابان لاصخر فاقله مايدانا

والماء مايفديه كثر الدفينا … والحق مايصفي بليّا مشنانا


(١) لقد علم ابن عبدوان وغالب بأن حطابا والد غالب قد توفي في سجن ابن رشيد قبل وصولهما إليه.
(٢) دابان: هو اسم لسيف غالب بن حطاب بن سراح.

<<  <  ج: ص:  >  >>